تخيل وجود حبوب رقمية يمكنها تتبُّع استخدامك للأدوية، لقد تحقق ذلك!

3 دقائق
هذه الكبسولة الهلامية الخاصة (التي تنطبق على الحبوب العادية) تحتوي على مستشعر لإبلاغ الأطباء عندما يقوم المريض بابتلاع جرعة من الدواء.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ظهرت كبسولات جديدة من شأنها أن ترسل رسالة إلى الهاتف الذكي أثناء حركتها عبر القناة الهضمية كطريقة لتتبُّع ما إذا كان المرضى يتناولون أدويتهم على النحو الموصوف لهم، وتؤدي مشكلة عدم الالتزام بتعليمات الدواء -وفقاً لأحد التقديرات- إلى وفاة ما يقرب من 125 ألف شخص سنوياً و10% على الأقل من حالات الدخول إلى المستشفى.

ولكن قريباً سيصبح من الممكن استخدام تقنية التتبُّع القابلة للأكل للتأكُّد من أن المرضى لا يتناولون الكثير من بعض الأدوية كالمسكِّنات الأفيونية، التي تسبّب الإدمان بشكل كبير. ويعتقد باحثان في أحد مستشفيات بوسطن أن هذه الحبوب عالية التقنية يمكنها أن تساعد الأطباء على وصف الكمية المناسبة من الأدوية الأفيونية، مما يساعد المرضى على تجنُّب أخذ جرعة أكبر من احتياجهم.

ومع انتشار الوباء الأفيوني في الولايات المتحدة، أراد كل من إدوارد بوير وبيتر تشاي (وهما طبيبان متخصِّصان في الطوارئ والسموم الطبية في مستشفى بريغهام أند وومنز) معرفة كيفية تناول المرضى للأدوية الأفيونية عندما يتم وصفها لهم للمرة الأولى.

ويقول تشاي إن القدرة على اكتشاف نمط كيفية تناول المرضى للحبوب يمكنها أن تساعد الأطباء على التدخُّل إذا حدث تغيير في هذا النمط، كأن يكون المرضى يتناولون كمية أكبر من الحبوب أو يأخذونها قبل النوم ليلاً، وهو الوقت الأخطر لأخذ الأدوية الأفيونية.

وقام الطبيبان بعقد شراكة مع شركة “إتيكت آر إكس EtectRx” (وهي شركة مقرها في مدينة نيوبيري بولاية فلوريدا وتقوم بتطوير كبسولة هلامية قابلة للأكل ومزوّدة بمستشعر لاسلكي)، وتنطبق هذه الكبسولة الهلامية على الحبوب العادية، وعندما يتم ابتلاعها، فإنها تنحلُّ عن طريق الأحماض الهضمية الموجودة في المعدة، وتصدر إشارة لاسلكية يتم التقاطها بواسطة جهاز قراءة صغير يتم ارتداؤه حول الرقبة، فيقوم جهاز القراءة هذا باكتشاف الرسالة المرسلة من الحبة ويرسلها إلى تطبيق الهاتف الذكي للطبيب عبر البلوتوث.

وقد قام بوير وتشاي بتجريب هذه التقنية على 15 مريضاً تم إدخالهم إلى غرفة الطوارئ في مستشفى بريغهام أند وومنز بسبب إصابتهم بكسور العظام، وتم وصف دواء أوكسيكودون لهم، وهو أحد أنواع الأدوية الأفيونية. وتقوم هذه التقنية بتسجيل عدد الحبوب التي يتناولها كل مريض وعدد مرات تناولها، وإذا تناول الكثير من الدواء الأفيوني بسبب استمرار الألم، فحينئذ يستطيع الطبيب أن يتدخَّل.

وتمَّت الموافقة على أول حبة مزوَّدة بالمستشعر من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية في شهر نوفمبر من أجل دواء أبيليفاي، وهو دواء مضاد للذهان، ويستخدم لعلاج الفصام والاضطراب ثنائي القطب. وفي كثير من الأحيان، لا يتناول هؤلاء المرضى أدويتهم بانتظام، مما قد يكون له آثار جانبية خطيرة.

وفي الوقت الحالي، لا تزال هذه التقنية صعبة التطبيق بعض الشيء؛ إذ تتطلّب الحبة الرقمية التي تقترن مع دواء أبيليفاي أن يرتدي المرضى رقعة على جذعه عندما يأخذ الدواء. كما تستخدم التقنية التي طورتها شركة إتيكت آر إكس قارئاً إلكترونياً حجمه بحجم جهاز الآي بود تقريباً ويتم ارتداؤه حول الرقبة، ولكن الشركة تعمل على تعزيز قوة إشارة الحبة.

ويقول تشاي: “نأمل أن يصبح القارئ يوماً ما مدمجاً في الأجهزة القابلة للارتداء التي يستخدمها الناس كل يوم، مثل حزام ساعة آبل أو حافظة الهاتف الذكي. وهذا من شأنه أن يسمح للجهاز القارئ أن يبدأ الاندماج في الحياة اليومية للمرضى”.

ولكن التحدّيات ما تزال موجودة، فلن يرغب جميع المرضى في أن يتم تتبُّعهم، وإذا وافقوا على ذلك، فسيريدون معرفة كيف سيتم استخدام بياناتهم الشخصية.

وقد أجرى بوير وتشاي مقابلات مع مرضى غرفة الطوارئ الذين يستخدمون الهيروين، وسألوهم عمَّا إذا كانوا يرغبون في استخدام هذه التقنية، فأجاب حوالي 83% بأنهم يرغبون في ذلك. وفي المرحلة التالية، سيقوم الطبيبان باختبار التقنية عند المرضى الذين يعانون من الألم المزمن والذين يتناولون الأدوية الأفيونية على المدى الطويل.

وتقول لاريسا موني (مديرة عيادة طب الإدمان في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس) إنها تستطيع أن تفهم سبب كون هذه التقنية مثيرة، ولكنها غير مقتنعة حتى الآن بإمكانية استخدام الحبوب الرقمية لمنع الإدمان أو علاجه.

وتقول: “لن ينجح هذا الأمر إلا إذا وافق الناس على أن تتم مراقبتهم وأقرُّوا بذلك، ويمكن للشخص الذي لا يرغب في تسجيل كل جرعة يتناولها أن يرفض هذا الدواء، لذلك ستكون هناك قيود بشكل دائم”.

كما تقول بأن هناك الكثير من التباين في احتياجات الناس من الأدوية الأفيونية، لذلك يجب اختبار هذه الحبوب على عدد أكبر من المرضى الذين يعانون من أنواع مختلفة من الألم.