كيف سيساعدنا الذكاء الاصطناعي على معرفة التأثير الحقيقي لعقاقير الهلوسة؟

3 دقائق
حقوق الصورة: إم إس تيك/ أنسبلاش.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لطالما تحدث العديد من العلماء عن عقاقير الهلوسة كعلاجات محتملة لاضطرابات الصحة العقلية، مثل الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة. ولكن معلوماتنا عن هذه المواد وتأثيرها الفعلي على أدمغتنا ما زالت محدودة للغاية، وقد تكون دراستها بالغة الصعوبة. يمكن أن يساعدنا استيعاب كيفية عملها على إطلاق قدراتها الكامنة.

ويحاول بعض العلماء استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا العمل، حيث يعمل فريق في جامعة ماكغيل في مونتريال على استخدام معالجة اللغات الطبيعية -وهي التقنية التي تعتمد عليها المساعدات الصوتية ومحركات البحث– لدراسة “تقارير الهلوسة” المكتوبة حول تجارب استخدام المخدرات. ويمكن أن يلقي هذا العمل الضوء على كيفية تحفيز المواد المهلوِسة لحالات ذهنية معينة، مثل الانشراح أو التوتر أو التوحد مع العالم. 

دراسة تقارير الهلوسة لتصميم أدوية جديدة وفعالة

ويأمل دانيلو بزدوك، والذي يقود هذا البحث، بأن تساعد النتائج على تصميم عقاقير جديدة لاضطرابات الصحة العقلية. ويقول: “إنها أكبر دراسة من نوعها تم إجراؤها على عقاقير الهلوسة على الإطلاق”. 

وتعتبر الدراسات السريرية العشوائية، والتي تتضمن تقديم الأدوية الفعلية لبعض المرضى وأدوية وهمية للبعض الآخر، ومقارنة التأثيرات، المعيار الذهبي لهذه الدراسات.  

ولكنها من ناحية أخرى بطيئة ومكلفة، وغالباً ما تتضمن عدداً صغيراً من المشاركين وحسب. يقول بزدوك: “إنها تستغرق عدة سنوات، وتكلف مبالغ تقدر بملايين الدولارات، كما أن الموافقات الأخلاقية تحتاج إلى وقت طويل للغاية”.  

وبدلاً من ذلك، يعتمد فريقه على معالجة اللغات الطبيعية لدراسة 6850 توصيفاً مكتوباً لتجارب استخدام عقاقير الهلوسة. وقد كُتب كل توصيف من قبل شخص استخدم واحداً من 27 نوعاً من اعقاقير الهلوسة، بما فيها الكيتامين، و”حبوب النشوة” (MDMA)، و”حبوب الهلوسة” (LSD)، والسيلوكين، وذلك ضمن بيئة فعلية في العالم الحقيقي، بدلاً من المشاركة في تجربة مخبرية. وقد تم الحصول على هذه التوصيفات من موقع الويب لمنظمة معلومات المخدرات “إيرويد” (Erowid)، وهي منظمة مدعومة من قبل الأعضاء. 

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي العاطفي: كيف يمكن لآلة أن تدرك مشاعرنا؟

وبعد ذلك، قام فريق بزدوك بدمج هذه البيانات مع سجلات للمستقبلات الدماغية التي يُعرف كل مخدر بالتفاعل معها. وبفضل هذه الخطوات، تمكن الفريق من تحديد مستقبلات النواقل العصبية المرتبطة بالكلمات المقترنة بتجارب عقاقير محددة.  

وعلى سبيل المثال، فإن الكلمات المقترنة بتجارب غامضة، مثل “فضاء” و”كون” و”وعي” و”أبعاد” و”اختراق” كانت مقترنة بالمخدرات التي ترتبط مع مستقبلات محددة للدوبامين والسيروتونين وأشباه الأفيونات.  

يقول بزدوك إن هذه المقاربة يمكن أن تقدم نقاط انطلاق جديدة لتطوير العقاقير. فمن الناحية النظرية، إن العقاقير المصممة لاستهداف هذه المستقبلات يجب أن تحرض على نواحٍ معينة من تجارب عقاقير الهلوسة، كما يقول بزدوك، والذي نُشر عمله مؤخراً في مجلة “Science Advances“.

اقرأ أيضاً: هل الأطباء النفسيون مستعدون لثورة الذكاء الاصطناعي حقاً؟‎

السلبيات المحتملة لهذه الطريقة

ولكن فريدريك باريت، وهو عالم أعصاب مختص بالهلوسة في جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، ليس مقتنعاً تماماً بهذا العمل. ويقول: “إن متعاطي المخدرات لا يعرفون دائماً ما يتعاطونه، كذلك فإن الجرعات ليست جيدة المعايرة في العالم الحقيقي، كما يوجد الكثير من المتغيرات التي تؤثر على تجارب العالم الحقيقي بشكل قد يستحيل إدراكه”. 

تشبه مقاربة بزدوك مقاربة اتخذتها شركة “مايندستيت ديزاين لابز (MindState Design Labs)، وهي شركة تكنولوجيا بيولوجية تهدف إلى دراسة العقاقير التي يمكن أن تحفز حالات ذهنية مفيدة. وتهدف الشركة في نهاية المطاف إلى تطوير علاجات جديدة لاضطرابات الصحة العقلية. يقول ديلان ديناردو، الرئيس التنفيذي للشركة: “أعتقد أنه بحث رائع”. ولكن مقاربة الشركة ستكون أكثر ميلاً إلى التركيز على المستقبلات الفردية بدلاً من مجموعات المستقبلات، كما يقول.  

وتكمن المشكلة في أنه لا أحد يعرف حقاً ما هي النواحي المفيدة للصحة العقلية في تجارب الهلوسة. وعلى سبيل المثال، تشير تجربة سريرية نُشرت نتائجها في العام الماضي إلى أن مادة “MDMA” مفيدة لمن يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة. ولكن هذا لا يعني أن الناس الذين يتناولون هذا العقار للترفيه (أي دون أغراض طبية) سيكونون محميين من الإصابة بهذا الاضطراب. 

وعلى الرغم من أنه قد يبدو من البديهي أن نعتقد أن تجارب العقاقير الغنية بالمشاعر الإيجابية ستساعد الناس على تحسين حالتهم، فإن البعض يجدون أن التعرض للعواطف السلبية، مثل التوتر والحزن، يساعدهم على مواجهة إصاباتهم، كما يقول باريت.  

ويوضح أن استخدام تقارير الهلوسة مفيد، ويكمل العمل التقليدي. ولكنه يضيف أن “أي شيء ينتجه هذا التحليل يجب أن يخضع للتدقيق والمصادقة بتجارب مخبرية ضمن شروط مضبوطة بدقة أو غير ذلك من التجارب”.