ما هي المتطلبات الحالية والمستقبلية التي تضمن عمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي على النحو الأمثل؟

4 دقائق
نقلة مبتكرة تعزز إمكانات أنظمة الذكاء الاصطناعي التشغيلية
حقوق الصورة: جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تؤدي التكنولوجيات المتقدمة دوراً بالغ الأهمية في رسم ملامح مشهد الحياة اليومية وتسهيل أداء المهام مهما بلغت درجة تعقيدها. وقد يخيل لكم أن استخدام الهواتف الذكية هو أمر بسيط وبديهي في عام 2022، لكن في الحقيقة، يتطلب عملها في يومنا هذا استخدام مجموعة كبيرة من التطبيقات التي طورها آلاف المبرمجين حول العالم. ودون أدنى شك، يجسّد عمل الهواتف الذكية بهذه الكفاءة إنجازاً بالغ الأهمية يكاد يرقى لمستوى المعجزات.

وأثناء عملها المستمر، تجمع التطبيقات وتستخدم كميات هائلة من البيانات لإنجاز مختلف الأعمال والمهام في حياتنا اليومية. وتتسم تجربة الاستخدام بمستويات مذهلة من الجودة لدرجة أننا بالكاد قادرون على إدراك الحجم الهائل للعمليات الجارية خلف ما نراه على الشاشة، ومقدار العمليات التي يقوم بها نظام تشغيل الهاتف لجعل كل ذلك ممكناً.

ولا تمثل أنظمة التشغيل بحد ذاتها مفهوماً جديداً. وحتى في حالة الحوسبة المتنقلة، تخضع أنظمة تشغيل الهواتف المتنقلة لعمليات تطوير مستمرة منذ تسعينيات القرن الماضي على الأقل. لكن دون تمكين أنظمة التشغيل من العمل بأقصى مستويات الانسيابية، سيكون من الصعب علينا رؤية الهواتف الذكية تحقق مستويات الانتشار الهائلة التي نراها اليوم.

اقرأ أيضاً: إيمتيك مينا: ضرورة تركيز الشركات على تكنولوجيا التشغيل في المستقبل

لم تتمكن أجهزة المساعد الرقمي الشخصي (PDAs) من مواكبة احتياجات المستخدمين نتيجة لعدد من الأسباب، أبرزها قلة تطبيقاتها وسوء أدائها. ولكن على الجهة الأخرى، وفي ضوء ما تتمتع به من قدرات حوسبة متنامية واتصال محسّن بشبكة الإنترنت ونظام تشغيل قوي، تمكنت الهواتف الذكية من تقديم تجربة استخدام في غاية السلاسة، وباتت اليوم من أساسيات حياتنا.

إن القفزة النوعية التي حققتها الهواتف الذكية منذ نشأتها حتى يومنا هذا تدفعنا لتساؤل مهم: لماذا لم يحذُ مجتمع تطوير الذكاء الاصطناعي حذو نظرائه في عالم الهواتف والأجهزة الذكية؟

اقرأ أيضاً: كاليفورنيا تريد منع القراصنة من السيطرة على الأجهزة الذكية

على غرار أنظمة تشغيل الأجهزة المتنقلة، يجري العمل على تطوير أنظمة تشغيل الذكاء الاصطناعي (AI OS) بهدف الوصول إلى أنظمة سلسة وفق عملية تتسم بأعلى درجات الفعالية والكفاءة. ومن بين أهم المناصرين لهذه المنهجية، يبرز اثنان من أعضاء هيئة التدريس في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والمؤسسين المشاركين لشركة “بيتوم” (Petuum) الناشئة والمتخصصة بمجال الذكاء الاصطناعي وهما رئيس الجامعة البروفيسور إريك زينغ والبروفيسور شيرونغ هو.

ويشكل كل من البروفيسور زينغ والبروفيسور هو، إلى جانب نخبة من أفضل الباحثين والمطورين في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يعرف باسم مجتمع “أنظمة التعلم الآلي التلقائية القابلة للتركيب والتطوير” (CASL)، وهو منصة مكرسة لإيجاد أفضل الحلول لمثل هذه التساؤلات وفق نموذج البرمجيات مفتوحة المصدر.

برمجيات الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر

ووفقاً لموقعه على شبكة الإنترنت، يوفر مجتمع “أنظمة التعلم الآلي التلقائية القابلة للتركيب والتطوير” مجموعة أدوات موحدة بما في ذلك عمليات التدريب الموزع، وجدولة المهام وفق توافر الموارد، والتحكم بمعامل الضبط، وبناء النموذج التركيبي.

ويجري كل من البروفيسور زينغ والبروفيسور هو أبحاثهما في إطار الاهتمامات الأوسع لزملائهما والمتعاونين معهما في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وجامعات “كارنيجي ميلون” و”بيركلي” و”ستانفورد” وشركة “بيتوم”.

وحول هذا الموضوع، قال البروفيسور هو: “مع نظام تشغيل الذكاء الاصطناعي الخاص بنا، كان السؤال الذي شرعنا في الإجابة عليه هو: ما هي المتطلبات الحالية والمستقبلية التي تضمن عمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي على النحو الأمثل؟ والإجابة عن هذا التساؤل تكمن في أسلوب عمل نظام تشغيل الذكاء الاصطناعي الذي طورناه، إذ يعتمد على توصيل البرمجيات والأجهزة بكفاءة عالية وضمان تشغيل حزم برمجيات الذكاء الاصطناعي بشكل طبيعي قدر الإمكان”.

اقرأ أيضاً: أهم تطبيقات واستخدامات الذكاء الاصطناعي في التعليم

وبفضل علاقات التعاون الواسعة المذكورة آنفاً، ظهرت أول منصة قابلة للتركيب في العالم لعمليات التعلم الآلي (MLOps) ومزيج بين “التعلم الآلي” و”عمليات التطوير” [(DevOps)، بالإضافة إلى نظام التشغيل المتكامل للذكاء الاصطناعي وغير ذلك.

وفي حالة عمليات التعلم الآلي (MLOps)، كانت النتائج واعدة للغاية. ووفقاً لبيان صحفي صدر مؤخراً ويتناول هذا الحل، شهد المستخدمون تحسناً بنسبة 50% أو أكثر في الوقت المستغرق للخروج بالنتيجة المرجوة، علاوة على ارتفاع كفاءة فريق التعلم الآلي والموارد. وإضافة لذلك، من المتوقع أن ترتفع مستويات كفاءة مثل هذه الأنظمة بالتوازي مع زيادة حجم مشاريع الذكاء الاصطناعي.

بدأت الرحلة من الفصل الدراسي

يواصل البروفيسور هو وشركاؤه في المجتمع تعزيز الابتكار بشكل مستمر ضمن مجموعة من منصات البرمجيات المفتوحة المصدر. وجرى تطوير حزم برامج “أنظمة التعلم الآلي التلقائية القابلة للتركيب والتطوير”، التي تشمل أطر عمل مثل “التعلم العميق التكيفي” (AdaptDL)، و “توون” (Tuun)، و”تكسار” (Texar) وغيرها، بواسطة مجموعة متنوعة من أعضاء هذا المجتمع.

وبالإضافة إلى ذلك، يتم تطوير البرمجيات التجارية مثل “رامبارت” (Rampart) بواسطة البروفيسور هو والبروفيسور زينغ وفريق شركة “بيتوم”، لكنها في ذات الوقت لا تزال قائمة على برمجيات “أنظمة التعلم الآلي التلقائية القابلة للتركيب والتطوير” مفتوحة المصدر.

ويتجسّد أحد الأمثلة المثيرة للاهتمام بعمل البروفيسور هو على برمجية “رامبارت”. فقد نشأت برمجية الذكاء الاصطناعي هذه من دراسة بحثية أجريت في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وطورت جزئياً ضمن بيئة الفصول الدراسية في الجامعة. وطورت برمجية “رامبارت” بهدف توفير واجهة عمليات التعلم الآلي (MLOps) وتكنولوجيا التكامل التي تتيح للمطورين تضمين برمجيات “أنظمة التعلم الآلي التلقائية القابلة للتركيب والتطوير” في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يقومون بابتكارها.

نقلة مبتكرة تعزز إمكانات أنظمة الذكاء الاصطناعي التشغيلية
حقوق الصورة: جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي

اقرأ أيضاً: دليل سريع إلى أهم قانون لم تسمع به عن الذكاء الاصطناعي

وعلاوة على ذلك، تم تطوير برمجية “رامبارت” أيضاً بغرض توفير جسر يربط بين برمجيات وأجهزة الذكاء الاصطناعي. وبحسب تقدير البروفيسور هو، تجسد هذه البرمجية البيئة الأمثل التي جرى تطويرها إلى الآن من أجل بناء تطبيقات الذكاء الاصطناعي واستخدامها وفق كامل إمكاناتها.

ومن بين الأمثلة الأخرى على الأدوات مفتوحة المصدر المخصصة لبناء منتجات أفضل في مجال التعلم الآلي، تبرز برمجية “فورتيه” (Forte) التي تجمع بين أفضل الممارسات في مجال هندسة التعلم الآلي بأسلوب يرتكز على البيانات، مثل النمذجة والتوحيد القياسي. وتحتاج أنظمة التعلم الآلي إلى تطبيق عمليات معينة على سبل التعامل مع البيانات، مثل التنظيف والتحول وإخفاء الهوية، والتي تميل للتباين على نطاق واسع بين التطبيقات على اختلافها.

وقام فريق “فورتيه”، المؤلف من مجموعة من الباحثين والمطورين من مجتمع “أنظمة التعلم الآلي التلقائية القابلة للتركيب والتطوير” (CASL) وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وشركة “بيتوم”، بتطوير مخطط معياري يحمل اسم حزمة البيانات (Data Pack) ويوفر التمثيلات التجريدية الأساسية لبيانات التعلم الآلي وقابلية التوسع بهدف تطوير حلول موحدة. ولذلك، وبينما توفر برمجية “فورتيه” مهاماً نمطية مثل البحث عن البيانات وزيادتها، تسمح قابلية التوسع بإنشاء أدوات قابلة لإعادة الاستخدام مثل إخفاء الهوية ودعم التمييز والتحيز وغيرها.

اقرأ أيضاً: هل يمكن للبيانات الزائفة المساعدة في حل مشكلة تحيز تعلم الآلة؟

وأضاف البروفيسور هو: “يتطلع مستخدمو الذكاء الاصطناعي للحصول على مزايا السرعة والجودة والموثوقية عند استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي. ويوفر حل نظام تشغيل الذكاء الاصطناعي الذي قمنا بتطويره الأدوات اللازمة لإنشاء تطبيقات تعزز مستويات رضا وسعادة المستخدمين، ويجسّد هذا الأمر بحق الجانب الأكثر أهمية. وفي نهاية المطاف، نعمل على تطوير طرق تتيح لمستخدمي الذكاء الاصطناعي تطبيق الحلول والابتكار وتحقيق النجاح في جميع الجوانب التي تحتاجها قطاعاتهم”.