6 اتجاهات تكنولوجية في 2022 ستغير طبيعة الحياة البشرية

6 دقائق
اتجاهات تكنولوجية في 2022
حقوق الصورة: بتسوفا إيلينا/ شترستوك. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في عصر تتحكم فيه التقنيات الحديثة في كل شيء حولنا سواء على مستوى الأعمال، أو الأفراد، لم يعد البقاء متصلاً بالإنترنت مجرد خيار قد يتجاهله البعض، بعدما سلكت بنا التقنيات الحديثة طريقاً لا رجوع منه إلا للعزلة التامة والوقوف بلا حيلة، فقد أعادت تشكيل العالم من حولنا، وغيّرت قطاعات بالكامل مثل التنقل والطاقة والرعاية الصحية والعلوم والزراعة ومجموعة واسعة من الصناعات.

وإذا كانت التقنية قد غيرت حياتنا بهذا الشكل خلال 100 عام، فمن المتوقع أن يشهد العقد الحالي فقط ثورات تقنية أكثر مما حدث في المائة عام الماضية مجتمعة. ويبدو أن الاتجاه الأبرز الذي سيقود هذه الثورة، والذي ستبرز نتائجه من 2022 وحتى نهاية العقد، هو مزج التقنيات الحديثة معاً لتؤدي إلى ابتكارات من شأنها تغيير حياتنا بداية من تلبية الاحتياجات اليومية وصولاً لإنقاذ كوكب الأرض والحفاظ على مستقبل الأجيال القادمة. وهذه أبرز الاتجاهات التكنولوجية في 2022 التي يُرجح أن نتلمس تأثيرها الأعوام القادمة.

1- تقنية الـ 5G.. الجميع متصل دون تأخير

منذ سنوات مضت، كنا نستطيع فصل العالم الرقمي عن العالم الواقعي، فطالما تتصل بالإنترنت عبر الهاتف أو الكمبيوتر فإنك متصل أو في عالم الـ “أون لاين”، وبعيداً عن ذلك فأنت غير متصل أو “أوف لاين”. ولكن مع التطبيقات التقنية التي باتت جزءاً من حياتنا بداية من تطبيقات التواصل الاجتماعي والتنقل والرعاية الصحية وطلب الطعام وأنظمة المرور والألعاب السحابية، وصولاً إلى التصنيع والزراعة والمدن الذكية، بات الاتصال بالإنترنت أسلوباً للحياة يصعب الاستغناء عنه في العصر الحالي.

هذه التطبيقات التقنية متسارعة الظهور والنمو تتطلب بدورها تطوراً سريعاً في الشبكات، وهذا ما ستوفره تقنية الـ 5G، أو الجيل الخامس من أنظمة الاتصالات اللاسلكية، التي ستتيح البيانات بسرعة أكبر، وموثوقية عالية، واستخدام فعال للطاقة، إذ ستتيح البيانات بسرعات تصل إلى 10 جيجا بايت في الثانية، وهو ما يقارب 600 ضعف قدرة الجيل الرابع. ولتتصور هذا الرقم بشكل أكثر واقعية، تخيل أن تنزيل فيلم كامل 4K سيستغرق 25 ثانية فقط.

هذه السرعة في نقل البيانات والنطاق الترددي الأكبر للشبكات سيعيدان تشكيل حياتنا المهنية والشخصية تماماً، وسيقودان إلى تحولات في قطاعات مختلفة، مثل النقل والتصنيع والرعاية الصحية والخدمات العامة، حيث ستتمكن مليارات الأجهزة المتصلة التي تجمع المعلومات وتشاركها في الوقت الفعلي من تقليل حوادث الطرق، وإنقاذ المرضى، واكتشاف الكوارث الطبيعية مبكراً، وحتى جعل شبكات الكهرباء أكثر ذكاءً لتقليل انبعاثات الكربون بشكل كبير. أي أن تكنولوجيا الجيل الخامس هذه تدور حول ربط الجميع في كل مكان، بشكل موثوق ودون تأخير، حتى يتمكنوا من إدراك الأشياء وإدارتها في الوقت الفعلي لحدوثها.

اقرأ أيضاً: الأشياء المتصلة بالإنترنت قد تؤدي إلى قتلنا يوماً ما

2- العالم الافتراضي.. ما بعد العالم الرقمي

تخيّل أنك جالس في غرفتك، وتوّد إقامة حفل عيد ميلاد لأحد أصدقائك المقربين. تمسك بهاتفك، وتغير ديكور الغرفة ليصبح قاعةً للاحتفال، وتشغل موسيقى مناسبة، وتحضر كعكة عيد الميلاد من أحد الخيارات في هاتفك، ومن ثم توجه الدعوة لأصدقائكما المشتركين والذين يحضرون إلى القاعة التي أنشأتها افتراضياً، وتستعدون لمفاجأة صديقك بدعوته كآخر فرد. الجميع حاضر، ومتفاعل مع بعضه، وكأنكم في المكان نفسه، بينما في الحقيقة كل منكم في مكان. هذا السيناريو سيخرج إلى الواقع أقرب مما نتخيل، خاصة مع إعلان عدد من رواد العالم الرقمي عن اقتحامهم “الميتافيرس”، ويمكنك المعرفة عنه بشكل موسع عبر مقال “دليلك لفهم الميتافيرس: عالم تدخله بدلاً من الاكتفاء بمشاهدته” المنشور عبر منصة إم آي تي تكنولوجي ريفيو.

منذ أسابيع قليلة، أعلن مارك زوكربيرج، مؤسس فيسبوك تغيير اسم شركته إلى “ميتا بلاتفورم” (Meta Platforms Inc)، ليعلن تحويلها إلى “بيئة افتراضية” يمكن الدخول إليها بدلاً من مجرد النظر إليها عبر الشاشة، ليتمكن المستخدمون من الالتقاء والعمل واللعب والتسوق والتواصل عبر الواقع الافتراضي. فيسبوك ليست وحدها، فقد أعلنت شركة “مايكروسوفت” أيضاً عن مشروعها المستقبلي “ميش” “Mesh for Microsoft Teams” والذي سيسمح للأشخاص في مواقع مختلفة بالانضمام إلى تجارب التصوير المجسم المشتركة. وكانت شركة “إنفيديا” (Nvidia) أيضاً تحدثت عن نظامها الأساسي “أومنيفيرس” (Omniverse) الذي يوفر بيئة ثلاثية الأبعاد لبناء عمليات محاكاة  واقعية لأنظمة العالم الواقعي، ما يجعلها مفيدة لكل شيء بدءًا من تصميم أحدث السيارات إلى رؤية كيف ستعمل الإصدارات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي من تلك السيارات في بيئات افتراضية.

اقرأ أيضاً: الشخصيات الرقمية في الميتافيرس: المجال الجديد للتشوه الجسمي على الإنترنت

3- إنترنت الحواس.. تجارب أبعد من الصوت والصورة

اقتصر العالم الرقمي الذي أذهلنا على حاستي الرؤية والسمع لسنوات عديدة مضت، ولكن يبدو أن مزج التقنيات متسارعة النمو سيقودنا إلى تجربة ما يدعى بـ “إنترنت الحواس”. إذ توقعت شركة “إريكسون” أن تقنيات الجيل الخامس والواقع الافتراضي وغيرهما ستتمكن من توفير “إنترنت الحواس” بحلول 2025، والذي سيمتد ليصل إلى القدرة على توصيل الأفكار رقمياً بحلول عام 2030.

ويتوقع نصف مستخدمي الهواتف الذكية في العالم في استطلاع “إريكسون” أنه بحلول عام 2025 سنرتدي جميعاً نظارات الواقع المعزز خفيفة الوزن والعصرية، متوقعين وجود الأجهزة القابلة للارتداء التي يمكنها ترجمة اللغات على الفور، والتي ستسمح لنا بالتحكم في بيئتنا الصوتية وتجربة الروائح والتذوق والقوام ودرجة الحرارة بشكل رقمي.

اقرأ أيضاً: كيف ستغير أجهزة إنترنت الأجسام حياتنا؟

4- الحوسبة السحابية.. مزيد من الابتكار وقليل من التعقيد

في استطلاع للرأي شمل قادة التقنية في العالم، تصدرت “الحوسبة السحابية” المجالات التي ساهمت في تغيير المشهد خلال وباء كوفيد-19 العالمي، بعد تغيير بيئات العمل والتسوق والرعاية الصحية والتنقل. واتفق القادة على أن الحوسبة السحابية إلى جانب الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والجيل الخامس من الشبكات ستقود معاً الابتكار في كافة القطاعات خلال السنوات الخمس القادمة.

الحوسبة السحابية، وفقاً لتعريف “تكنو ضاد” عبر إم آي تي تكنولوجي ريفيو، هي تخزين قواعد البيانات والبرمجيات وكافة موارد تقنية المعلومات عبر الإنترنت مع تسعير التكلفة حسب الاستخدام، بهدف جعل الوصول إلى تلك الخدمات أسهل وأسرع وأقل تكلفة، بدلاً من الاستثمار بكثافة في قواعد البيانات والبرامج والمعدات والحواسيب الضخمة.

يستطيع عملاء السحابة الاستفادة من بنية حوسبة سحابية حديثة من أجل تسريع الابتكار وزيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف، إذ يستطيعون تقديم تطبيقات وخدمات جديدة، ويشمل ذلك استخدام التقنيات المبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي وروبوتات المحادثات وتقنية البلوك تشين وإنترنت الأشياء. لذا، من المرجح أن يصل إجمالي الإيرادات العالمية للحوسبة السحابية إلى 474 مليار دولار في عام 2022، وفقاً لمؤسسة “جارتنر” للأبحاث. إذ ستتبنى أكثر من 85% من المؤسسات سياسة “السحابة أولاً” بحلول عام 2025، بحيث لن تستطيع تنفيذ استراتيجياتها الرقمية دون استخدام التقنيات القائمة على السحابة بشكل أساسي.

اقرأ أيضاً: كيف ستؤدي المكاتب السحابية إلى إعادة تعريف مفهوم مكان العمل؟

5- المحاكاة الافتراضية.. توائم رقمية لتقليل الخسائر

ستأخذ التوائم الرقمية نصيبها من ذلك التطور الذي تمر به التقنية في العالم، خاصة أن شركات عديدة أعلنت عن تصميماتها القادمة لبناء توائم رقمية، وصلت لمحاكاة كوكب الأرض، مثل توأم كوكب الأرض الرقمي “Earth-2” الذي أعلنت شركة “إنفيديا” عن خطتها لتصميمه، وهو عبارة عن نظام حاسوبي عملاق يعمل باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، مهمته التنبؤ بالتغيرات المناخية لتقييم الاستجابة المناسبة لها قبل حدوثها. 

وكذلك التوأم الرقمي الذي تعمل عليه بورش والذي سيساعدك في معرفة متى تحتاج سيارتك إلى الصيانة، ويحذرك من ظروف الطريق الخطرة قبل مصادفتها، ويقدم لك بعض التوصيات عن طريق تحليل مجموعة من بيانات المستشعر والبيانات الضخمة وأسلوب قيادتك. 

ويمكن استخدامها أيضا في مجال الرعاية الصحية، لبحث فعالية العلاج واحتمالات الشفاء قبل تجربة الدواء على المريض، مثل مشروع القلب الحي لاستحداث توأم رقمي لقلب بشري كامل نابض، والذي يستخدم حول العالم في إعادة إنتاج الظروف المرضية، واضطرابات تدفق الدم فضلاً عن الآثار السلبية للأدوية. وتم استخدام تقنية التوأم الرقمي أيضاً في دوري كرة القدم الوطني الأميركي (NFL) لاختبار تعديلات معينة على معدات اللاعب دون المخاطرة بصحة اللاعبين الحقيقيين وسلامتهم. كما استخدمت وكالة ناسا التقنية لإنشاء محاكاة رقمية للمركبات والكبسولات الفضائية بهدف اختبارها.

اقرأ أيضاً: 10 اتجاهات متوقعة للذكاء الاصطناعي في 2022

6- توغل الذكاء الاصطناعي.. دور بارز في الحياة اليومية

صرّح سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة جوجل Google، أن تأثير الذكاء الاصطناعي سيكون أكبر بكثير من تأثير النار والكهرباء على البشرية. ربما تكون مبالغة منه بهدف إبراز تأثير هذه التقنية على حياتنا، وربما تثبت لنا السنوات القادمة أن توقعه كان في محله تماماً.

إذ شهدت السنوات الأخيرة تسارعاً في وتيرة التحول الرقمي مدفوعاً بالتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، خاصة مع ظهور جائحة كورونا، حيث رأينا ابتكارات مهمة تطال كافة نواحي حياتنا، إذ شهد عام 2021 أول براءة اختراع لنظام ذكاء اصطناعي إبداعي في جنوب إفريقيا، ويبدو أن ما مرّ نقطة في بحر ما يخفيه الذكاء الاصطناعي، حيث يتوقع الباحثون في شركة “فورستر” (Forrester) للأبحاث والاستشارات أن تفوز أنظمة الذكاء الاصطناعي الإبداعية بعشرات براءات الاختراع في عام 2022.  وهناك بعض التطورات التي يتوقع الخبراء أن يشهدها مجال الذكاء الاصطناعي العام المقبل، وأبرزها نمذجة اللغة، أي استخدام الآلات للتواصل مع البشر بلغة يمكن للبشر فهمها. والمركبات التي يقودها الذكاء الاصطناعي مثل تجارب شركة “تسلا” (Tesla)، إلى جانب إبراز دور استخدام الذكاء الاصطناعي في تأليف الموسيقى والشعر وحتى ألعاب الفيديو .

تتوغل التقنيات لتغير حياتنا بشكل أسرع مما نتوقع، وقد كان هذا هو الدرس الأكبر خلال العامين الماضيين، حينما أجبر الوباء العالم على تسريع وتيرة التحول الرقمي في شهور قليلة رغم أن الخبراء توقعوا أن البشر سيخوضون هذا التحول على مدار سنوات، فطالما وجد الدافع، يبقى التغيير متاحاً وقيد التنفيذ، وسيظل البشر يحاولون تسخير هذا التحول ليس فقط لمحاولة البقاء، وإنما لتطوير عالمنا ليصبح أكثر تطوراً، ونصبح نحن أكثر تكيفاً معه.