ما هي تقنية التزييف العميق؟

نوع من تطبيقات الذكاء الاصطناعي يتيح إنتاج مقاطع فيديو وصور اصطناعية مزيفة تظهر لأول وهلة وكأنها حقيقية بشكلٍ كبير جداً. تسمح تقنية التزييف العميق بصنع فيديوهات مزيفة بالاعتماد على التعلم العميق، عبر دمج مجموعة صور ومقاطع فيديو وتسجيلات صوتية لشخص معين. وذلك بهدف إنتاج مقطع فيديو جديد يقول فيه الشخص كلاماً غير حقيقي أو يقوم بتصرفات لم يقم بها في الواقع.

كيف تعمل تقنية التزييف العميق؟

يتم إنشاء محتوى التزييف العميق باستخدام زوج من الشبكات العصبونية الاصطناعية المتنافسة؛ حيث تدعى الشبكة الأولى بالمولد (Generator) والثانية بالمُمِيز (Discriminator). يتم تدريب الشبكة الأولى على إنتاج محتوى وسائط متعددة مزيف، وتُدرب الشبكة الثانية على تحديد فيما إذا كان هذا المحتوى حقيقي أم اصطناعي. ويُعرف هذا النوع من الشبكات باسم الشبكات التوليدية التنافسية (GANs)؛ حيث تستمر المنافسة حتى تقوم الشبكة الأولى بإنتاج محتوى تُصنفه الشبكة الثانية بأنه حقيقي.

كما يمكن الاعتماد على تقنية أخرى من تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنتاج المحتوى المزيف هي أداة الترميز التلقائي (Autoencoder). تُستخدم هذه الأداة عادةً في تقنية تبديل أو استبدال الوجوه في الصور ومقاطع الفيديو. وذلك عن طريق تدريب أداة الترميز باستخدام آلاف الصور التي تتضمن لقطات الوجه للشخصين المستهدفين بالتقنية. فتقوم تلك الأداة باستخراج الميزات الأساسية وإيجاد أوجه التشابه بين تلك الصور. ثم بعد ذلك تقوم أداة فك الترميز بإعادة بناء الصور واستبدال الوجوه.

كيف بدأت هذه التقنية؟

في عام 2018، اكتشف صحفي منصة موذر بورد (Motherboard)، سام كول، زاوية جديدة ومثيرة للقلق على الإنترنت؛ حيث كان أحد مستخدمي ريديت، واسمه ديب فيكز (deepfakes) [أي: المزيفات العميقة]، ينشر مقاطع فيديو إباحية مزيفة إكراهية باستخدام خوارزمية ذكاء اصطناعي لوضع صور وجوه المشاهير في مقاطع إباحية حقيقية. دق كول ناقوس الخطر بشأن هذه الظاهرة في وقت كانت فيه تكنولوجيا التزييف العميق توشك على الانفجار.

وخلال الأعوام اللاحقة، ساعدت الاختراقات التقنية الكبيرة في تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل التعلم الآلي والعميق ومعالجة اللغات الطبيعية والرؤية الحاسوبية على حدوث طفرة في إنتاج محتوى التزييف العميق، بدءاً من تطبيق زاو الذي يتيح استبدال وجه ممثل مشهور بوجه المستخدم، ووصولاً إلى فيديوهات مزيفة للممثل الأميركي توم كروز على تيك توك يصعب اكتشاف أنها غير حقيقية.

ما هي المخاوف المرتبطة بهذه التقنية؟

أثارت هذه التقنية العديد من المخاوف، لاسيما فيما يتعلق باستخدامها لاستبدال وجوه الممثلين في الأفلام الإباحية، وإمكانية استخدامها للتلاعب بالانتخابات. وفي ظل تنامي مشكلة انتشار المعلومات المضللة عبر الإنترنت عموماً، ووسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً، فإن تقنية التزييف العميق تمثل وسيلة قوية بأيدي الجهات الخبيثة للتأثير على الرأي العام. علاوة على ذلك، فإن الاستخدام واسع النطاق للمحتوى المزيف باحترافية عالية يدفعنا للشك في كل شيء، حتى في المحتوى الحقيقي.

ما هي فوائدها؟

في المقابل، تمتلك تقنية التزييف العميق إمكانات إبداعية هائلة وقدرات واعدة لتحقيق اختراقات عديدة. فيمكن استخدامها في إضفاء الطابع الشخصي على الترفيه والتجارة الإلكترونية، وفي إعادة إحياء الشخصيات التاريخية، وحماية المبلغين عن المخالفات، وإنتاج الميمات المضحكة، وإنتاج الإعلانات والحملات السياسية. وعلى سبيل المثال استخدمت جمعية خيرية في المملكة المتحدة التزييف العميق لإنتاج فيديو توعوي لإيصال رسالة ضد مرض الملاريا بتسع لغات مختلفة بطله نجم كرة القدم المشهور ديفيد بيكهام.