تعرف على عالم الفضاء التونسي محمد عبيد وعمله على تطوير مركبة فضائية

2 دقائق
محمد عبيد
حقوق الصورة: ناسا. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نشأته ودراسته

وُلد محمد عبيد في مدينة صفاقس التونسية، وكان شاهداً في صغره على كارثة تحطم مكوك الفضاء تشالنجر، فطمح بعدها بأن يعمل لدى وكالة الفضاء الدولية “ناسا”. يقول عبيد: “كنت أرغب في بناء سفينة فضاء رائعة، والتأكد من أننا لن نواجه أي مآسٍ أخرى مثل تشالنجر. أحببت العلوم والرياضيات وأردت أن أصبح عالم صواريخ”.

أتم مرحلة الدراسة الثانوية في تونس، وانتقل إلى فرنسا ليتابع دراسته الجامعية في مجال الفيزياء بـ “جامعة باريس السابعة”، ثم نال درجة الماجستير في الفيزياء من “مدرسة الفنون التطبيقية” بفرنسا عام 1994، وبفضل تفوقه دراسياً، تمكن من الحصول على منحة لإكمال الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية وهندسة الفضاء بـ “جامعة جنوب كاليفورنيا” بأميركا، واستطاع الحصول على درجة الدكتوراه عام 1999.

عندما انتقل إلى أميركا، كان التحدي الأصعب الذي واجهه هو الانتقال إلى بلد لا يتحدث لغته ولا يعرف فيه أحداً، فبدأ بمشاهدة الرسوم المتحركة باللغة الإنجليزية لتعلم اللغة، وطرح الكثير من الأسئلة ليتعلم قدر المستطاع من أساتذته، إلى أن أصبح اليوم مجيداً للغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية إلى جانب لغته الأم العربية.

اقرأ أيضاً: هل سيوفر تلسكوب جيمس ويب إثباتاً لنظرية اقترحها باحثون عرب؟

مسيرة مهنية

عمل عبيد مهندساً مساعداً في “جامعة باريس السابعة” بين 1991 و1993، ومهندساً مساعداً في “مدرسة الفنون التطبيقية” بين 1993 و1994، ومهندساً للنظم في شركة “رايس سيستمز” بين 1999 و2004، ثم عمل مهندساً مساعداً ومن بعدها مهندساً مشاركاً فأستاذاً مساعداً بـ “جامعة جنوب كاليفورنيا” في الفترة بين 1994 و2005، ومحاضراً في “جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس” بين 2001 و2005، ومحاضراً في “جامعة جنوب كاليفورنيا” في قسم الملاحة الفضائية بين 2005 و2015.

انضم للعمل في وكالة ناسا عام 2004، والتحق بمختبر الدفع النفاث، وقدم إسهامات علمية منذ انضمامه إليها، وأوكلت إليه عدة مهام، منها وظيفة تصميم وبناء وتشغيل وقيادة المركبات الروبوتية الفضائية الموجهة إلى الكواكب، وتدرج في عدد من المناصب حتى وصل إلى رتبة المهندس الرئيسي في مشروع SMAP التابع للوكالة، المهتم برصد رطوبة التربة حول العالم والتقاط الأشعة الكهرومغناطيسية من سطح الأرض.

تمت ترقيته عام 2014 ليشغل منصب المسؤول عن فريق الميكاترونيك بمختبر الدفع النفاث في “ناسا”، وفي أواخر عام 2016 عُين نائباً لكبير المهندسين الميكانيكيين في مشروع “المريخ 2020″، وكان من بين المشرفين المباشرين على صناعة وتطوير المركبة “بيرسيفيرنس” (Perseverance Rover)، التي نجحت في الهبوط على سطح المريخ في فبراير/شباط 2021، بعد رحلة استمرت لأكثر من 7 أشهر.

اقرأ أيضاً: عربة ناسا الجوالة بيرسيفيرانس تتمكن أخيراً من اغتراف قطعة من المريخ

مهمة إلى الكوكب الأحمر

انطلقت المركبة من قاعدة القوات الجوية “كيب كانافيرال” في ولاية فلوريدا في 30 يونيو/حزيران 2020، في إنجاز علمي غير مسبوق بحثاً عن آثار حياة محتملة على الكوكب الأحمر “المريخ”، وكانت هذه المهمة الفضائية الأكثر تعقيداً والأولى من نوعها التي بحثت عن بقايا البكتيريا أو أي دليل بيولوجي على وجود الحياة على سطح هذا الكوكب. استلم عبيد وفريقه قيادة مهمة الفضاء عن بُعد من أجل هبوط المركبة الفضائية بنجاح على سطح المريخ، لإنجاز مهمتين أساسيتين لما بعد مرحلة نزول المركبة على سطح المريخ، تتمثل الأولى في جمع الصخور والرواسب المريخية وتخزينها في أنابيب لإعادتها لاحقاً إلى الأرض، وتتعلق الثانية بتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون المتوفر بكثرة في الغلاف الجوي للكوكب إلى أوكسجين.

ويقول في مكالمة هاتفية أجراها مع موقع “الجزيرة نت” بأن حلم ذهاب البشر إلى سطح المريخ ليس بالأمر المستحيل، لكنه يتطلب دراسات عميقة على المدى القريب والبعيد، تبدأ أولاً ببحث إمكانية وجود فرص حياة سابقة على هذا الكوكب. ويعمل عبيد ومهندسو ناسا حالياً (2022) على تطوير صاروخ يتوجه عام 2028 إلى المريخ لتسلم العينات التي جمعتها “بيرسيفيرنس”.

اقرأ أيضاً: أسطول روبوتات متحركة ذاتية التحكم: الجيل الجديد من عربات ناسا الجوالة

كتب ومؤلفات

ألف عبيد كتاب “مجسات المركبة الفضائية” (Spacecraft Sensors) الذي نُشر عام 2005، ويضم مراجعة شاملة للعديد من جوانب وتعقيدات أجهزة الاستشعار المستخدمة في صناعة المركبات الفضائية، ويغطي تطوير المستشعرات من المفهوم والتصميم والتكلفة، إلى البناء والاختبار والتشغيل في المدار، وهو كتاب للمهندسين المتخصصين أو غير المتخصصين وللعلماء والمشتركين في الجانب التجاري من صناعة المركبات الفضائية.