كيف يقع الشباب فريسة المعلومات المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي؟

3 دقائق
المعلومات المزيفة
حقوق الصورة: شتر ستوك/ سمايل فايت.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

حدقت فتاة مراهقة بنظرة متجهمة في الكاميرا، وكان إطار الكاميرا يهتز أثناء توجيهها للهاتف نحو وجهها. وبعد ذلك، ظهرت عبارة فوق سترة الهودي التي كانت ترتديها تنص على تهديد مشؤوم، يقول: إذا انتُخب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، فسوف يرتكب “الترامبيون” مجازر جماعية ضد أفراد مجتمع الميم والأفراد من ذوي البشرة غير البيضاء.

وبعد ذلك، ظهرت عبارة أخرى بإعلان لا يقل وعيداً: “هذه هي الحرب العالمية الثالثة حقاً”. نُشر هذا الفيديو على تيك توك في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وحاز على أكثر من 20,000 إعجاب. وفي تلك الفترة، قام العديد من الشباب بمشاركة تحذيرات مماثلة على منصات التواصل الاجتماعي، واجتذبت منشوراتهم مئات الآلاف من المشاهدات والإعجابات والتعليقات.

من الواضح أن هذه الادعاءات لم تكن صحيحة. إذن، كيف يمكن لهذا العدد الكبير من أبناء الجيل Z، وهي تسمية تنطبق على الأشخاص بعمر 9 إلى 24 سنة تقريباً، والذين يُفترض بأنهم أكثر براعة تكنولوجية من سابقيهم، أن يقع ضحية تزييف فاضح للمعلومات بهذا الشكل؟

كيف يمكن لهذا العدد الكبير من أبناء الجيل Z أن يقع ضحية المعلومات المزيفة؟

لقد عملت كباحثة مساعدة في مرصد ستانفورد للإنترنت منذ الصيف الماضي، حيث قمت بتحليل انتشار المعلومات الزائفة على الإنترنت. وقد درست حملات التأثير الأجنبية على وسائل التواصل الاجتماعي، وأسباب الانتشار السريع للمعلومات الزائفة حول انتخابات 2020 ولقاحات كوفيد-19. وقد وجدت أن الشباب هم الأكثر قابلية لتصديق المعلومات الزائفة وتمريرها إلى الآخرين عند شعورهم بوجود هوية مشتركة مع الشخص الذي شاركها في المقام الأول.

خارج الإنترنت، وعند اتخاذ القرارات حول تصديق ادعاء ما أو تجاهله أو التشكيك به، فمن المرجح أن يبقى المراهقون ضمن سياق مجتمعاتهم. حيث إن العلاقات الاجتماعية وسمعة كل شخص عبر سنوات من التجارب المشتركة هي المعيار الذي يحدد أفراد العائلة والأصدقاء وزملاء الصف الذين يعتمد عليهم المراهقون في تشكيل آرائهم وتلقي تحديثات حول الأحداث.
وفي هذه البيئة، فإن المعرفة الجمعية للمجتمع حول من يستحق الثقة في هذا الموضوع أو ذاك تساهم في مصداقية الفرد أكثر من هويته، حتى لو كانت تحمل عنصراً مشتركاً مع هوية الشخص الشاب.

من ناحية أخرى، فإن وسائل التواصل الاجتماعي تروج للمصداقية بناء على الهوية بدلاً من المجتمع. وعندما تُبنى الثقة حول الهوية، تنتقل السلطة إلى المؤثرين. ويستطيع المؤثرون أن يتحولوا إلى حملة للرسائل الموثوقة حول مواضيع لا يمتلكون فيها أي خبرة لمجرد أنهم يشبهون متابعيهم ويتحدثون مثلهم.

وفقاً لاستبيان من كومون سينس ميديا، فإن 60% من المراهقين ممن يستخدمون يوتيوب لمتابعة الأحداث الراهنة، يعتمدون على المؤثرين بدلاً من المنظمات الإخبارية. وعلى حين يستطيع منتجو المحتوى الذين حققوا درجة عالية من المصداقية إيصال مزاعمهم إلى مستوى الحقائق، فإن الخبراء الفعليين في المواضيع المطروحة يواجهون صعوبة كبيرة في تحقيق أي أثر أو زخم.

اقرأ أيضاً: واتساب تفرض قيوداً جديدة على إعادة توجيه الرسائل لكبح انتشار المعلومات المزيفة

لماذا يحتل المؤثرون شبكة التأثير اليوم؟

يمثل هذا الأمر السبب الأهم في كيفية انتشار خطط أعمال العنف بعد الانتخابات بسرعة كبيرة. حيث إن الأفراد الذين شاركوا هذه التحذيرات كانوا عميقي الصلة بمتابعيهم. وقد كان الكثيرون منهم من ذوي البشرة غير البيضاء أو المنتسبين علناً إلى مجتمع الميم، وكانت منشوراتهم السابقة قد ناقشت موضوعات مألوفة مثل الصراعات العائلية أو المعاناة في مادة الرياضيات. وبفضل هذه التجارب المشتركة، أصبح تصديقهم سهلاً، على الرغم من عدم تقديمهم لأي أدلة على ادعاءاتهم.

وقد تفاقم هذا الوضع بسبب فائض المعلومات الذي يتعرض له الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يمكن أن يدفعنا إلى الثقة بالمعلومات منخفضة المستوى ومشاركتها.

لقد ظهرت شائعة الانتخابات بين العشرات من المنشورات الأخرى على صفحات تيك توك للمراهقين، وهو ما لم يترك لهم وقتاً كافياً للتفكير بكل ادعاء منها بشكل نقدي. وبالتالي، فإن جميع محاولات التشكيك بهذه الشائعات انتهى بها المطاف في التعليقات.

ومع زيادة مشاركة الشباب في النقاشات السياسية على الإنترنت، يمكن أن نتوقع تحوُّل هؤلاء الذين حققوا المصداقية المبنية على الهوية إلى قادة بقوة الأمر الواقع، يجتذبون الأشخاص المشابهين لهم في التفكير، ويوجهون الحوار.

قد يسمح هذا الأمر بمنح جزء من النفوذ إلى الشرائح المهمشة، ولكنه أيضاً يؤدي إلى تفاقم خطر المعلومات الزائفة. حيث إن الأشخاص الذين تجمع بينهم هوية مشتركة سيجدون نفسهم معرضين إلى سرديات مضللة تركز على استهداف ذات العوامل التي تجمع بينهم.

اقرأ أيضاً: مشروع جديد من نيويورك تايمز لكشف الأخبار المزيفة بالاعتماد على البلوك تشين

سياسات مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن تلعب دوراً في الحد من انتشار المعلومات المزيفة أيضاً

إذن، من يمكن أن يلعب دوراً في الترويج للمسؤولية؟ يمكن أن تقوم منصات التواصل الاجتماعي بتطبيق خوارزميات توصيات تركز على تنوع الأصوات وتمنح قيمة أكبر للحوار بدلاً من اجتذاب المشاهدات وزيادة النقرات.

كما يجب على الصحفيين أن يعترفوا بأن الكثير من القراء باتوا يحصلون على أخبارهم من منشورات التواصل الاجتماعي عبر عدسة الهوية، ويقوموا بتقديم المعلومات على هذا الأساس. كما يجب أن يقوم صناع السياسات بتنظيم منصات التواصل الاجتماعي وإقرار قوانين لمعالجة المعلومات المزيفة على الإنترنت. ويستطيع المعلمون والتربويون تعليم طلابهم كيفية تقييم مصداقية المصادر وادعاءاتها.

لن يكون من السهل تغيير حركية الحوار على الإنترنت، ولكن مخاطر المعلومات الزائفة، والوعد بحوار أفضل، عوامل تدفعنا إلى بذل كل الجهود الممكنة.