إحدى التجارب الأولى من نوعها في الهندسة المناخية على وشك الانطلاق

8 دقائق
إحدى التجارب الأولى من نوعها في الهندسة المناخية على وشك الانطلاق
مصدر الصورة: كودي شرودر عبر أنسبلاش
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في جامعة هارفارد، وضمن أحد المختبرات على مستوى الطوابق الأرضية، يقبع أنبوب زجاجي طويل يحتوي على نسخة مصغرة من طبقة الستراتوسفير في الغلاف الجوي.

عندما زرت فرانك كيوتش في خريف 2019، ذهبنا سوياً إلى المخبر، حيث وُضع الأنبوب ممتداً على مقعد طويل في الزاوية الخلفية ملفوفاً بمادة عازلة رمادية. قام كيوتش وزملاؤه بمحاكاة الظروف الجوية عند ارتفاع حوالي 20 كيلومتراً فوق سطح الأرض، وذلك بملء الأنبوب بالتركيبة الصحيحة من الغازات عند حرارة وضغط محددين.

وبإجراء الاختبارات على كيفية تفاعل مواد كيميائية مختلفة ضمن هذا الهواء منخفض الكثافة، يأمل الفريق بإجراء اختبار أولي لخطة مثيرة للجدل تُعرف باسم الهندسة المناخية الشمسية، والتي تهدف إلى مواجهة التغير المناخي برش جسيمات صغيرة ضمن طبقة الستراتوسفير لعكس المزيد من أشعة الشمس نحو الفضاء الخارجي.

ولكن، هل يمثل ما في الأنبوب “طبيعة طبقة الستراتوسفير بشكل فعلي؟” كما يتساءل كيوتش، وهو أستاذ في علوم الهندسة والكيمياء والغلاف الجوي، مشيراً إلى الأنبوب. “هذا هو السؤال الفعلي. نحن نحاول أن نأخذ جميع العوامل بعين الاعتبار، ولكني أعتقد أننا لا بد وأن ننسى شيئاً ما”.

ولهذا السبب، قرر بالاشتراك مع زملائه، بمن فيهم عالم المناخ ديفيد كيث، نقلَ التجربة خارج طبقة الستراتوسفير المصطنعة إلى الطبقة الحقيقية. ويأملان بأن يُجريا سلسلة من عمليات التحليق العلمية باستخدام المناطيد، التي قد يتم إطلاق أولها من مركز إيسرانج الفضائي في كيرونا بالسويد هذا الصيف.

آمل من أعماقي ألا نصل إلى مرحلة تضطرنا إلى تنفيذ هذا الأمر حقاً؛ لأنني ما زلت أعتقد أنها فكرة مخيفة للغاية وأن مشكلة ما ستحدث دون شك.

– فرانك كيوتش، المفتش الأساسي في تجربة التعديل المتحكم به للستراتوسفير

 

ستتضمن الرحلة الأولية عملية تقييم بسيطة لسلامة عمل العتاد بشقيه الصلب والبرمجي للمركبة في الستراتوسفير، حيث يمكن للحرارة أن تنخفض إلى أقل من 50 درجة مئوية تحت الصفر، ويتراوح الضغط ما بين جزء واحد من عشرة أجزاء وجزء واحد من ألف جزء من الضغط عند سطح البحر. ولكن، وفي عمليات التحليق اللاحقة، يأمل الباحثون في إطلاق كميات صغيرة من أنواع الجسيمات التي يمكن أن تقوم بتشتيت ضوء الشمس.

 


وفي هذا العالم الذي تتراجع فيه الانبعاثات الكربونية ببطء شديد غير كافٍ لمنع كوارث التغير المناخي، قد تكون الهندسة المناخية أفضل طريقة للحصول على المزيد من الوقت. ولكن تطبيق هذه الطريقة على نطاق واسع قد يعني العبث بأنماط الطقس على مستوى الكوكب بأسره. يستحيل التنبؤ بالنتائج، بل قد تكون كارثية في بعض الأماكن.

ولهذا، وخلال الأسابيع المقبلة، من المتوقع أن تقوم لجنة استشارية مستقلة تدرس المسائل القانونية والأخلاقية والبيئية المتعلقة بالمشروع باتخاذ قرار بشأن مواصلة المجموعة البحثية للعمل والبدء بعملية التحليق الأولى. ستقوم اللجنة أيضاً باتخاذ القرار النهائي فيما يتعلق بإطلاق أي مواد في الجو بصورة فعلية، وتحديد الخطوات التي يجب على الفريق الفعلي اتخاذها للتعامل مع العامة والمشرعين.

وإذا حازت عمليات الإطلاق على الموافقة -وهو أمر غير مؤكد أو حتى مرجح- فسوف تكون هذه أول تجربة هندسة مناخية ضمن الستراتوسفير. غير أن هذه المناطيد بدأت تثير الانتقادات حتى قبل مغادرتها للأرض.

استخدام خطير للغاية

إن فكرة تبريد الكوكب عن طريق نشر الجسيمات الدقيقة في الغلاف الجوي لتخفيف ضوء الشمس ومعاكسة تأثير ارتفاع درجات الحرارة الذي تتسبب فيه انبعاثات غازات الدفيئة ليست بالفكرة الجديدة تماماً، فقد قامت الطبيعة بذلك من قبل.

فقد تسببت الانفجارات البركانية الضخمة، مثل انفجار جبل بيناتوبو في 1991، بإطلاق ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكبريت في الهواء، وتخفيض درجات الحرارة العالمية لعدة سنوات لاحقة. وبشكل مشابه، فإن ثاني أكسيد الكبريت الذي تطلقه محطات توليد الطاقة بالفحم والسفن يؤدي إلى تأثيرات تبريد قابلة للقياس أيضاً.

غير أن بعض المنتقدين يعتقدون أن مجرد التفكير في القيام بهذا عمداً لمواجهة التغير المناخي أمر ينطوي على الكثير من التهور، ناهيك عن إجراء التجارب عليه فعلياً. وقد وجدت بعض الدراسات أن الهندسة المناخية الشمسية يمكن أن تؤدي إلى تغييرات كبيرة في أنماط هطول الأمطار وتراجع في إنتاجية بعض المحاصيل في أماكن معينة. ولكن، ومن ناحية أخرى، استنتجت أبحاث أخرى أن الآثار الجانبية البيئية يمكن أن تكون صغيرة بشرط تنفيذ إجراءات الهندسة المناخية بشكل معتدل.

غير أن جميع الأبحاث التي أًجريت حتى الآن تعتمد على النماذج الحاسوبية أو التجارب المخبرية، باستثناء بعض التجارب التي أُجريت على نطاق صغير. ولهذا، يقول كيوتش وزملاؤه إن التجارب بالمناطيد هي الخطوة التالية الهامة.

تقوم الفكرة الأساسية للتجربة التي تحمل اسم تجارب تعديل الستراتوسفير الخاضعة للتحكم، والتي اقتُرحت لأول مرة في 2014، على إطلاق منطاد مزود بمراوح دفع وحساسات، بحيث يقوم بإطلاق ما يصل إلى كيلوجرامين من الجسيمات بحجم أقل من ميكرومتر على امتداد يصل إلى كيلومتر. ويلحظ كيث أن طائرات الركاب التجارية تطلق كميات مقاربة من المواد في كل دقيقة.

بعد ذلك، سيتجول المنطاد في المنطقة التي أُطلقت فيها المواد بشكل متعرج من الجانب الآخر. وأثناء ذلك، ستحاول حساساته قياس مدى انتشار الجسيمات، وكيفية تفاعلها مع المركبات الأخرى، ومدى قدرتها على عكس ضوء الشمس.

تجربة التعديل المتحكم فيه للستراتوسفير
مصدر الصورة: تقدمة من تجربة التعديل المتحكم فيه للستراتوسفير

مهما كانت النتائج التي سيكتشفها الفريق، فسيكون من الممكن تلقيمها إلى نماذجنا الحاسوبية لتحسين استيعابنا لما يمكن أن ينتج عن رش مئات الآلاف أو الملايين من الأطنان من هذه المواد.

وفي تلك المرحلة، يأمل الفريق في إجراء سلسلة من عمليات التحليق على مدى عدة سنوات؛ ففي البداية، ينوي أفراد الفريق إطلاق غبار دقيق من كربونات الكالسيوم، وهو أحد المكونات الأساسية للطبشور، غير أن الفريق ينوي في نهاية المطاف اختبار مكونات أخرى، وستتضمن على الأرجح حمض الكبريت، وهو أحد النواتج الجانبية لثاني أكسيد الكبريت المنطلق من البراكين.

غير أن البعض يخشى من الدخول في مرحلة الخطر، حتى بسبب هذه التجارب المحدودة.

ويعتقد ويل بيرنز، وهو المدير المساعد في معهد قوانين وسياسات إزالة الكربون في الجامعة الأميركية، أنه يجب أن نحاول أولاً الوصول إلى شكل ما من أشكال الاتفاق أو الإجماع العالمي حول إمكانية استخدام أدوات كهذه قبل البدء بالتجارب الميدانية.

ولكن بالنسبة له، فإن الإجابة هي النفي منذ الآن؛ حيث إن العواقب البيئية غير معروفة. كما أن تحديات إدارة أداة كهذه يمكن أن تصل إلى مستوى هائل، فقد تقوم دولة واحدة بتنفيذ عملية الهندسة المناخية الشمسية بمفردها، ولكنها ستؤثر على جميع بلدان العالم. كما أن الأجيال اللاحقة قد تضطر إلى التعامل مع الآثار الناجمة عن هذا العمل لفترة تصل إلى مئات السنين. ويضيف أنه من المستحيل إدراك الآثار الحقيقية على مستوى الكوكب قبل التطبيق الكامل، وعندها لن يكون هناك مجال للتراجع، وسنضطر للتعامل مع موجات الجفاف أو أي أخطار أخرى حتى تنحسر الآثار وحدها.

وقد وجه منتقدو الهندسة المناخية، إضافة إلى بعض المجموعات البيئية، نداءً إلى مسؤولي الحكومة في السويد، حيث ستُجرى التجارب الأولى، إضافة إلى شركة الفضاء السويدية التي تدير التجربة، من أجل إيقاف التجربة. ويقولون إن التجربة بحد ذاتها لا تنطوي على مخاطر مناخية، ولكنها ستؤدي إلى “الدخول في منحدر خطر يؤدي إلى الموافقة والتطبيق” لأداة خطيرة وشديدة التأثير.

وقد أوردت الرسالة التي أرسلتها منظمة السلام الأخضر في السويد ومنظمة بيوفيول ووتش وغيرها من المجموعات أن الهندسة المناخية الشمسية “تكنولوجيا يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة، وهي خطيرة ولا يمكن التنبؤ بنتائجها ولا يمكن إدارتها”. وتكمل الرسالة قائلة: “لا يوجد أي مبرر لإجراء اختبارات وتجارب على تكنولوجيا تبدو خطيرة لدرجة يستحيل معها استخدامها على الإطلاق”.

باحث غير متحمس

يقول كيوتش إن المخاوف إزاء زيادة احتمال تطبيق الهندسة المناخية في نهاية المطاف بسبب التجارب الحالية “صحيحة للغاية”. وكما قال لي أثناء مقابلة في مكتبه، فإنه شخصياً يعتقد إن الهندسة المناخية ليست بالطريقة الصحيحة لمواجهة التغير المناخي. ويعتقد إنها تشبه المسكنات التي تخفف من الآلام الحادة، ولكنها تؤدي إلى مشاكل أخرى، مثل الإدمان. أما الحل الأكثر أماناً وفعالية فهو التخفيف الحاد والسريع لانبعاثات غازات الدفيئة.

ولكن، وكما يخشى، فقد وصل التغير المناخي إلى مرحلة متقدمة وأصبحت آثاره مدمرة إلى درجة قد تدفع بدولة ما، وبسبب اليأس، إلى استخدام هذه الطريقة بمفردها. وقد وجدت دراسة سابقة من هارفارد أن تكلفة تطوير وإطلاق سرب من الطائرات الخاصة للقيام بهذه المهمة يمكن ألا يتجاوز ملياري دولار في السنة، ما يجعل هذا الأمر متاحاً من الناحية الاقتصادية للكثير من البلدان.

وبما أنها الأداة الوحيدة التي يمكن أن تحدث أي فرق حقيقي في درجات الحرارة العالمية ضمن فترة حكم نظام أو شخصية سياسية، فقد تصبح خياراً مغرياً للغاية في الدول التي تعاني من موجات الحر القاتلة وموجات الجفاف والمجاعة والحرائق أو الفيضانات. ويقول كيوتش إن استخدامها دون إجراء ما يكفي من الأبحاث سيكون “في منتهى الخطورة”.

البروفسور فرانك كيوتش
فرانك كيوتش، البروفسور في جامعة هارفارد والمفتش الأساسي في تجربة التعديل المتحكم به للستراتوسفير
مصدر الصورة: إليزا جرينيل، مدرسة هارفارد للهندسة والعلوم التطبيقية

يضيف كيوتش قائلاً: “يعتقد الناس أن إجرائي للأبحاث حول الهندسة المناخية يعني أنني أرغب في تطبيق هذا الحل. ولكن وجهة نظري في الواقع -والتي أؤمن بها بشدة- هي أنني آمل من أعماقي ألا نصل إلى مرحلة تضطرنا إلى تنفيذ هذا الأمر حقاً؛ لأنني ما زلت أعتقد أنها فكرة مخيفة للغاية وأن مشكلة ما ستحدث دون شك”.

ويضيف: “ولكن في الوقت نفسه، أعتقد أن فهم المخاطر المحتملة بشكل أفضل أمر في غاية الأهمية. أما بالنسبة للبحث المباشر الذي يهمني، فإنني أعتقد أنه إذا كان هناك نوع معين من المواد يمكن أن يخفف من المخاطر إلى حد كبير، فإنه من المفيد أن نعرف كل شيء عنه”.

إشراف

كان الفريق يأمل في البداية بالبدء بتجارب المنطاد في 2018 في توكسون بأريزونا، كما درس أيضاً إجراء التجارب في نيو مكسيكو. وبعد ذلك، قرر الفريق نقل العمل إلى السويد بسبب “كوفيد-19 وغير ذلك من المشاكل اللوجستية ومتاعب الجداول الزمنية”، وفقاً للموقع الإلكتروني للمشروع.

ويعود التأخير جزئياً إلى قرار فريق كيوتش بتأسيس لجنة مستقلة لتقييم الآثار الأخلاقية والقانونية لتجاربهم المقترحة. لم يكن هذا القرار إلزامياً؛ لأن البحث لم يحظَ بتمويل فدرالي. وبالفعل، عندما بدأ البرنامج، لم يكن هناك أي تمويل فدرالي في الولايات المتحدة لأبحاث الهندسة المناخية. وفي الواقع، فإن المشروع يعتمد على تمويل من هارفارد وتبرعات من العديد من الأفراد والمجموعات، بما فيهم بيل جيتس، ومنظمة ويليام وفلورا هيوليت، ومؤسسة ألفريد سلون، وغير ذلك.

غير أن جين لونج، وهي مديرة مساعدة سابقة في مختبر لورنس ليفرمور الوطني، نصحت بشدة بضرورة تأسيس لجنة تقييم خارجية. وتقول (بعد أن ساعدت أيضاً في اختيار رئيس مجلس إدارة هذه اللجنة): “لقد كان من المهم لمستقبل هذه التكنولوجيا ألا يظهر الباحثون بمظهر علماء أشرار يسارعون لإجراء التجارب خفية عن الجميع دون إشراف”.

وتشدد لونج على أن التجارب، كما اقتُرحت في البداية، محدودة للغاية ومن غير المرجح أن تمثل أي خطر بيئي أو صحي. ولكن اللجنة، كما تقول، سترغم الباحثين على صياغة عملهم بالضبط والتعامل مع المخاوف العامة.

وقد أصدرت اللجنة تقريراً يتضمن اقتراحات حول كيفية تواصل فريق البحث مع العامة قبل إجراء أية عمليات تحليق لإطلاق الجسيمات. ومن ضمن المقترحات، أوصت اللجنة بصياغة كتاب مختصر يشرح جميع المسائل، ودعوة الأشخاص القاطنين قرب مسار تحليق المناطيد إلى “المشاركة في حوار تشاوري حول التجربة نفسها، إضافة إلى قضية حوكمة أبحاث الهندسة المناخية الشمسية”.

وعلى الرغم من هذا، يعتقد بيرنز وغيره أن اللجنة تفتقر إلى بعض الأصوات الأساسية، بمن فيها منتقدو أبحاث الهندسة المناخية وممثلو البلدان الأكثر فقراً. كما يعتقد أن هذه الثغرات واضحة في التقرير الأولي للجنة. ويقول: “إن اللجنة تفترض -وهو ما يكشف تحيزها إلى حد ما- أننا نخوض حواراتنا العامة من أجل تحديد كيفية الوصول إلى المرحلة التالية من التجارب الميدانية، وهو ما يبدو أنه يوصلنا إلى نتيجة محددة سلفاً من حيث ما يحدث حالياً وما يجب أن يحدث لاحقاً”.

النتائج المتوقعة

قام فريق كيوتش بإجراء عمليات محاكاة حاسوبية لدراسة كيفية انتشار الجسيمات التي ستطلقها تجهيزاتهم في الهواء. وإذا بدأت التجارب الحقيقية، فمن المفترض أن يتمكنوا من قياس كيفية انتشار أو تكتل دقائق كربونات الكالسيوم أو حمض الكبريت بشكل أكثر دقة، وهو اختبار حاسم لتحديد مدى نجاح استخدام هذه المواد في الهندسة المناخية. فإذا كانت الجسيمات أكبر من اللازم، فسوف تقع وتخرج من الستراتوسفير بسرعة كبيرة، ما يتطلب إطلاق كمية أكبر من المواد لتبديد نفس المقدار من أشعة الشمس.

أما المسألة الهامة الأخرى فهي كيفية تفاعل هذه الجسيمات مع المواد الكيميائية الأخرى الموجودة في الستراتوسفير، حصوصاً كربونات الكالسيوم التي لا توجد هناك بشكل طبيعي.

تجربة التعديل المتحكم به للستراتوسفير 2
مصدر الصورة: تقدمة من تجربة التعديل المتحكم به للستراتوسفير

اختار الفريق كربونات الكالسيوم بدلاً من السولفات (مواد حمض الكبريت) لسبيين، كما يقول كيوتش؛ حيث إن السولفات تؤدي إلى تآكل طبقة الأوزون الواقية، وعلى الرغم من أنها ذات مفعول مبرد لسطح الأرض، فإنها ستؤدي إلى تسخين الستراتوسفير. وهو ما قد يؤدي إلى تغيرات لا يمكن توقعها في أنماط الطقس. يقول كيوتش: “نحن نحاول تغيير نظام الأرض بطرق لا أعتقد أن نماذجنا قادرة على توقع نتائجها بشكل جيد”.

ولكن، ومن ناحية أخرى، فإن استخدام كربونات الكالسيوم لا يخلو أيضاً من العوامل غير المتوقعة. فقد وجدت تلك التجارب التي أُجريت في الأنبوب الزجاجي أنه لا يتفاعل بدرجة كبيرة مع المركبات الموجودة في الستراتوسفير. ولكن طريقة تفاعله مع المواد الكيميائية الأخرى الموجودة في طبقة الستراتوسفير الحقيقية يمكن أن تؤثر على مدى امتصاص الأشعة فوق البنفسجية ومقدار تشتيت ضوء الشمس.

يمكن أن تساعد القياسات والملاحظات أثناء عمليات التحليق على تحسين استيعابنا للكميات المطلوبة من هذه المواد لتخفيض درجات الحرارة العالمية، والمخاطر الناجمة عن إطلاقها، بل حتى إمكانية نجاحها على الإطلاق.

ولكن، ستبقى هناك حدود حقيقية على المعلومات التي يمكن أن يحصل عليها الباحثون من تجارب صغيرة باستخدام المناطيد. فلن يتمكنوا مثلاً من تحديد مصير هذه الجسيمات بعد فترة طويلة، لأنها ستنتشر على مساحة كبيرة بسرعة وسيصبح من المستحيل إجراء القياسات عليها. إضافة إلى ذلك، وكما يعترف كيوتش، فإنه توجد أشياء لا يمكن معرفتها ببساطة قبل تطبيق الهندسة المناخية الشمسية على نطاق كامل.

ويقول: “إن نظام الأرض فائق التعقيد، وأعتقد أنه يستحيل التنبؤ بسلوكه بشكل كامل. ولا يمكن أن نجزم فعلياً بما قد يحدث إذا طبقنا هذا الأسلوب”.