التحديات التي تواجه قضية تنظيم الأصول المشفرة

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نشرة خاصة من برايس ووتر هاوس كوبرز

يترافق اعتماد أي تكنولوجيا مبتكرة مع تحديات هائلة؛ ونشوء تكنولوجيا الأصول المشفرة لم يكن استثناءً. فالابتكارات التكنولوجية، مثل تقنية بلوك تشين والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، تثير مشكلات جديدة لا تتناولها القوانين الحالية. 

قام عدد من البلدان بتصنيف الأصول المشفرة إلى الفئات الرئيسية الثلاثة التالية:

  1. رمز الدفع: الذي يمثل وسيلة التبادل، وهو يُستخدم من قِبل المالكين كوسيلة رقمية في عملية الدفع.
  2. رمز المنفعة: الذي يستعمله المالكون لاستخدام أو الحصول على مورد رقمي أو خدمة رقمية معينة، كما في حالة الشبكات الحاسوبية أو التطبيقات. 
  3. رمز الورقة المالية: الذي يمثل المنتج المالي. 

والسؤال الرئيسي هو: كيف سيحقق المنظمون التوازن المناسب بين تنظيم قطاع الأصول المشفرة لحماية المشاركين في هذا القطاع (كالمستهلكين والمستثمرين) دون الإفراط في تنظيمه من جهة، أو إعاقة الابتكار من جهة أخرى؟

تصنيف الأصول المشفرة

يمكن تقسيم الأصول المشفرة إلى ثلاث فئات: رموز الدفع، ورموز المنفعة، ورموز الأوراق المالية. تُصنف الأصول المشفرة بشكل عام إلى أوراق مالية أو سلع أو عملات، وتُعامل كل منها بشكل مختلف اعتماداً على تصنيفها. عادة ما يعتمد المنظمون على الوظيفة الاقتصادية الأساسية لتصنيف الأصول المشفرة وتحديد تبعيتها للتنظيم، وفي حال ذلك، القوانين التي تُطبق عليها. على سبيل المثال، صُنفت بيتكوين في الولايات المتحدة على أنها سلعة، مثل الذهب والنفط.

مكافحة غسيل الأموال

في أكتوبر 2018، قامت مجموعة العمل المالي FATF بإصدار دليل إرشادي مُحدث حول الأصول الافتراضية VA ومزودي خدمات الأصول الافتراضية VASP. تفرض توجيهات مجموعة العمل المالي على مزودي خدمات الأصول الافتراضية -مثل شركات تحويل الأصول المشفرة- جمعَ ومشاركة المعلومات الشخصية خلال التعاملات بشكل مشابه لما يسمى “قاعدة السفر” في النظام البنكي. باختصار، يجب على مزودي خدمات الأصول الافتراضية الحصول على معلومات كلا طرفي التعامل عند تحويل الأصول الافتراضية، وإتاحتها للسلطات المعنية عند الطلب. بما أن تعاملات الأصول المشفرة تحدث بين عناوين عامة، فمن الصعب في أغلب الأحيان تحديد المالك الحقيقي لهذه العناوين، مما يجعل تطبيق قاعدة السفر لمجموعة العمل المالية أمراً صعباً.

غير أن تطبيق توجيهات مجموعة العمل المالية على شركات التحويل اللامركزية و/أو منصات التعامل من طرف إلى طرف أمر صعب؛ حيث إنها لا تحتوي على نقطة اتصال مركزية ذات تحكم أحادية الجانب، مما يجعل تنظيمها أمراً صعباً. يعود هذا إلى أن مزودي خدمات الأصول الافتراضية اللامركزيين لديهم عدد كبير من جهات الاتصال (التي يشار إليها غالباً باسم “العقد”) الموزعة في نطاقات قانونية مختلفة عبر الكوكب، بحيث يعتمد التحكم في المزود بناء على نموذج إجماع الأغلبية.

الحيازة

تُعرف الحيازة عادة بأنها الاستحواذ الفعلي والحصري لأموال أو أوراق مالية للعملاء أو صلاحية الحصول عليها. ولكن حيازة الأصول المشفرة تصبح معقدة عندما تصبح هذه الأصول على نظام بلوك تشين، وتصبح ملكية الأصول أو إمكانية الوصول إليها محصورة بمن يمتلك المفتاح الخاص، دون ضرورة وجود أي إثبات أو سجل آخر. بالمقارنة، فإن الأصول التقليدية ترتبط بسجل مركزي أو قاعدة بيانات مركزية تحدد المالك، وهو ما يجعل من السهل منح الحيازة دون نقل الملكية، على عكس الأصول المشفرة.

قالت الجهات المشاركة في هذه الصناعة إن نقص حلول الحيازة المنظمة هي السبب الذي يمنع دخول المؤسسات المُستثمرة في السوق. في ظل غياب توجيهات الحيازة المنظمة المتوافقة حول العالم، قامت بعض الشركات بتأسيس خدمات حيازة خاصة بها للأصول المشفرة، وتأمين حماية إضافية للعملاء الذين لا يُرجح استخدامهم للحيازة الذاتية، بسبب اعتيادهم على جهات الحيازة التقليدية أو البنوك لهذا الغرض. 

ولتحقيق التقدم والمساعدة في بناء العناصر المفقودة من البنية التحتية لسوق الأصول المشفرة، يجب على المنظمين تأسيس هيكلية واضحة ومتماسكة تعترف بطبيعة “الملكية المباشرة” للأصول المشفرة بشكل يختلف عن القواعد التقليدية التي تتطلب “حيازة فعلية” لأموال العملاء أو أوراقهم المالية. 

التكيف مع التحديات التنظيمية الجديدة 

لتحقيق الأهداف والتخفيف من المخاطر التي ناقشناها، يجب على المنظمين أن يكتسبوا بسرعة ما يكفي من المعلومات حول الأعمال والتكنولوجيا التي تعتمد عليها الأصول المشفرة. ومن إحدى طرق التعلم هذه ما يطلق عليه اسم “صندوق الرمال”، حيث تُفتح أمام الشركات بيئة آمنة لاختبار أعمالها، وتتاح أمام المنظمين فرصة العمل والتعلم من الشركات. يمكن للمنظمين الاستمرار في اكتساب المعلومات حول المخاطر الجديدة لهذه التكنولوجيات عن طريق زيادة مهاراتهم في التعامل معها، بحيث يستطيعون التفكير في وسائل لمواجهة هذه المخاطر. إضافة إلى ذلك، من الأفضل للمنظمين اتباع مقاربة تنظيمية متعددة المستويات، بالتركيز أولاً على فهم التكنولوجيا عن طريق هيكلية تعتمد على المحاولة والخطأ، بدلاً من الدخول في عملية طويلة من الاستشارة والتشريع. تليها مرحلة ثانية يتوصل فيها المشرعون إلى هيكلية تنظيمية تأخذ بعين الاعتبار تطور المخاطر الذي يترافق باستخدام تكنولوجيا الأصول المشفرة.