ربما يحقق هذا الدواء الجديد أول نجاح تجاري كبير للعلاج الجيني

4 دقائق
حقوق الصورة: شركة نوفارتس Novartis
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يأتي المولود الجديد، ثم يتم تشخيص إصابته بهذا المرض المميت. إلا أنه سيكون هناك قريباً علاج يُستخدم لمرة واحدة لاستبدال الجينات في الأسابيع الأولى من الحياة.

ولكن ماذا عن التكلفة؟ ربما من الأفضل ألا تعرف.

إن العلاج الجيني على وشك تحقيق مرحلة هامة؛ إذ حصلت مؤخراً شركة الأدوية العملاقة نوفارتس Novartis على موافقة لإطلاق ما تقول بأنه سيكون أول “نجاح تجاري كبير” لعلاج مخصص لاستبدال الجينات. ويحقق الدواء نجاحاً تجارياً كبيراً إذا بلغت مبيعاته أكثر من مليار دولار كل عام.

ويُطلق على العلاج اسم زولجنسما Zolgensma، ويمكنه إنقاذ حياة حديثي الولادة الذي يعانون من ضمور العضلات الشوكي (SMA) من النوع 1، وهو مرض تنكّسي يؤدي عادةً إلى الموت في غضون عامين. ولكن تكلفة الدواء هائلة أيضاً، إذ تبلغ 2.125 مليون دولار، مما يجعله الأغلى مبيعاً على الإطلاق لدواء يتم استخدامه مرة واحدة.

ويعتمد العلاج الجيني على الفيروسات لإدخال جينات سليمة إلى خلايا المرضى، ولكن النجاح المتزايد لهذا المبدأ قد يعود بالكثير على مجال الرعاية الصحية في الولايات المتحدة.

وتتوقع إدارة الأغذية والأدوية الأميركية (FDA) أن ما بين 10 و20 علاجاً جينياً أو خلوياً سيصل إلى السوق كل عام بحلول عام 2025، مما قد يؤدي إلى إزعاج سوق التأمين في الولايات المتحدة في حال تمت الموافقة على العلاجات المكلفة لمرض الناعور (الهيموفيليا) ومرض ضمور العضلات.

ويقول مايكل شيرمان -المدير الطبي في شركة هارفارد بيلجريم هيلث كير (Harvard Pilgrim Health Care) التي تتفاوض مع شركة نوفارتس: “إن مشكلة العديد من هذه الأدوية هي أنها باهظة الثمن ولكن من شأنها أيضاً أن تغيّر حياة أولئك الذين يحتاجونها. وبالنسبة لهذا العلاج وغيره من العلاجات الجينية في المستقبل، فإن الأمر لا يتعلق بالرفض، ولكن كيف يمكنك القبول دون إفلاس النظام؟”.

ويقول المسؤولون التنفيذيون في شركة نوفارتس بأن إطلاق دواء ضمور العضلات الشوكي سيشمل برامج لمساعدة شركات التأمين على الدفع، بما في ذلك خطة مبدئية لـ “الدفع أولاً بأول” بالإضافة إلى تقديم عروض لاسترداد جزء من سعر الدواء إذا مات المرضى أو انتهى بهم المطاف على جهاز التنفس الصناعي.

يقول شيرمان: “نرغب في الدفع مع مرور الوقت، وبالتوقف عن الدفع إذا توقف الدواء عن النجاح. وفي ظل هذه الأسعار المتزايدة باستمرار، فإني أعتقد بأن من العدل أن نطرح الأسئلة”.

ويقول شيرمان بأن هذه المفاهيم الجديدة للدفع لا يمكن تنفيذها بشكل كامل حتى توافق شركات التأمين على تحمّل فواتير المرضى المستحقة عند تبديلهم لخطة التأمين. أيضاً، هناك قاعدة تضمن “أفضل سعر” لجميع الأدوية لوكالات النظام الاتحادي للتأمين الصحي لمن يحتاجون إلى المساعدة المالية (Medicaid)، مما يعني بأن نوفارتس لا يمكنها تقديم ضمان لاسترداد كامل النقود.

وقد تم إعداد العلاج من قِبل فريق في ولاية أوهايو، حيث اختبره العلماء والأطباء على الأطفال في مستشفى نايشن وايد وظهرت نتائج مذهلة. إذ تم حقن الأطفال بتريليونات الفيروسات التي تحمل نسخة سليمة من جين يسمى SMN1، وهي التي تتواجد لديهم بشكل طافر يسبب فقدان الخلايا العصبية الحركية في النخاع الشوكي.

وقام الباحث الذي أتقن الفكرة في مستشفى نايشن وايد -بريان كاسبار- بتأسيس شركة ناشئة تدعى أفيكسيس AveXis، وقد استحوذت عليها شركة نوفارتس مقابل 8.7 مليار دولار العام الماضي. كما لعب الباحث آرثر بيرجز من جامعة ولاية أوهايو دوراً مهماً من خلال تطوير فأر مصاب بضمور العضلات الشوكي، كما أشرف الطبيب جيري مندل على أولى التجارب على البشر.

ونظراً لأن حوالي 400 طفل فقط يولدون سنوياً في الولايات المتحدة وهم يعانون من ضمور العضلات الشوكي، إلا أن السعر المرتفع للاستحواذ أدى إلى ارتفاع سعر الدواء. ويقول شيرمان: “يمكنهم القيام بالحساب”.

وبحصول دواء زولجنسما على الموافقة، يصبح هو العلاج الجيني السادس المعتمد في الولايات المتحدة أو أوروبا. ولكن بعض هذه العلاجات عانت في الوصول إلى المرضى؛ إذ تم سحب علاج جليبيرا Glybera من السوق بعد شرائه مرة واحدة فقط. كما تم استخدام دواء ستريمفيليس Strimvelis -الذي يهدف لعلاج نقص المناعة- من قِبل نحو عشرة مرضى قاموا بدفع ثمنه، ويعود ذلك جزئياً لكونه ينطوي على زرع نقي العظام. وهناك دواء ثالث يسمّى لوكستورنا Luxturna ويهدف لعلاج مرض عيني يصيب عدداً قليلاً جداً من الأشخاص.

وفي المقابل، تقول شركة نوفارتس بأن الطلب مرتفع أصلاً على علاج ضمور العضلات الشوكي؛ فقد تلقى حتى الآن 150 مريضاً العلاجَ الجيني ضمن التجارب السريرية أو من خلال برامج الوصول الخاصة، وذلك كما يقول ديفيد لينون، رئيس شركة أفيكسيس. وفي بعض الحالات، يتم تقديم العلاج لأطفال بعمر ستة أسابيع، مما يبرز مدى ضآلة الفترة بعد الولادة التي يمكن خلالها إصلاح جينات الطفل.

وقد قامت مؤخراً ولايات من بينها مينيسوتا وبنسلفانيا بإضافة ضمور العضلات الشوكي إلى مجموعة الأمراض التي يتم الكشف عنها عند الأطفال في أجنحة الولادة. وبما أن الولايات الأخرى تحذو حذوهما، فمن المرجح أن يزيد عدد المرشحين الجدد للدواء بشكل منتظم.

وتأتي الموافقة على علاج استبدال الجينات بعد ثلاث سنوات فقط من الوقت الذي أدى فيه تطور آخر إلى أول علاج عالي الفعالية لضمور العضلات الشوكي، وذلك باستخدام نوع من الأدوية الجينية يسمى العلاج المضاد لاتجاه النسخ antisense. ويُطلق على هذا الدواء اسم سبينرازا Spinraza ويتم بيعه بواسطة شركة بيوجن Biogen وتبلغ تكلفته 375 ألف دولار في السنة، ولكن يجب أن يتم أخذه بشكل مستمر سنة بعد سنة، مع تكاليف آخذة في التزايد بسرعة.

ومن المتوقع الآن أن تحدث منافسة بين هذين العلاجين في الأسواق، ولكن شركات التأمين تتوقع أن تكلفة إصلاح الجينات للمرضى المؤهلين لمرة واحدة ستكون أقل على المدى الطويل، على الرغم من السعر الأولي المرتفع. ويقول شيرمان: “أتوقع ألا تغطي خطط التأمين الصحي علاج سبينرازا مع تقدّم تلك المجموعة”.

وتعتمد آمال الآباء وحسابات شركات التأمين على افتراض أن الإصلاح باستبدال الجينات سيكون دائماً. وحتى الآن، أصبح بعض الأطفال الذين تم علاجهم به في عمر خمس سنوات ولا يزالون بصحة جيدة، يقول لينون: “نعتقد بأن ذلك مؤشر جيد على عدم حدوث انتكاس”. ولكن لا يوجد دليل على أن العلاج لن يزول، أو لن يتوجب إعادة تطبيقه لاحقاً.

كما أنه من غير المعروف أيضاً ما إذا كان العلاج الجيني سيصل إلى البلدان الفقيرة التي لا تستطيع أنظمتها الطبية رعايةَ الأطفال الذين يعانون من ضمور العضلات الشوكي والذين لا يستطيعون تحمّل التكاليف. يقول لينون بأن شركة نوفارتس لم تخطط لبيع العلاج في المناطق الفقيرة من العالم.