كيف سيعيد عالم الميتافيرس صياغة تجربة العملاء؟

4 دقائق
كيف سيعيد عالم الميتافيرس صياغة تجربة العملاء؟
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

حين تترسخ تقنيات الواقع المختلط كحقيقة مجسدة، فلن توفر فرصة نمو تصل قيمتها إلى 1 تريليون دولار أميركي وحسب، بل يبدو أن عالم “ميتافيرس” سيعيد تعريف تجربة العميل، حيث ستذيب شخصيات الأفاتار الحدود بين الحياة الواقعية والافتراضية. وقريباً سيتسلم الجيل القادم من “المواطنين الافتراضيين” زمام الأمور من الجيل الرقمي الحالي. الأمر الذي ستتبعه موجات جديدة من الابتكارات لصالح الشركات.

وربما ونحن نتحدث عن ذلك، لابد أن نأتي على ذكر أمر لا يقل أهمية، وهو “عالم البيانات” حيث يتم تخزين البيانات الشخصية التي يحملها كل شخص خلال تحركاته للاستفادة من عالمه الافتراضي الخاص به.

إن كلاً من عالم “ميتافيرس” و”عالم البيانات” لديهما القدرات الكامنة التي من شأنها إثراء الحياة. ولكن بشرط! هو أن تكون تلك البيانات محمية وفي ذات الوقت متوفرة ليستفيد منها جميع أصحاب المصلحة.

وبينما تفكر الحكومات وشركات التقنية العالمية والمؤسسات في كل مكان في كيفية بناء منظومة شاملة ومسؤولة للبيانات، فإن السؤال المطروح هو: كيف يمكن للأعمال التجارية في قطاع التجزئة التي تشبهنا أن تضمن استفادة الجميع من عالم “ميتافيرس”؟ إلا أن جزءاً من الإجابة عن هذا السؤال يتضمن يقيناً واحداً، وهو أن لا أحد منا يستطيع  أن يعمل بمعزل عن الآخرين.

اقرأ أيضاً: ما هي أبرز التحديات التي تواجه عالم الميتافيرس؟ وكيف يمكن جعله آمناً؟

نموذج جديد

بينما يتنافس العالم من أجل تعريف متفق عليه لعالم “ميتافيرس”، سيواصل هذا العالم الجديد الذي يمزج بين الواقعي والافتراضي تقدمه مدفوعاً بكميات هائلة من البيانات التي سيولدها. 

تتوسع البيانات فعلياً بمعدل نمو سنوي مركب يزيد عن 25%، وذلك وفقًا لمؤسسة التحليل “أي دي سي”. حيث نشهد كل يوم كميات ضخمة من البيانات الناشئة عن أعمالنا الخاصة، بدءاً من برامج الولاء وحتى أنشطة التسوق الخاصة بنا في مراكز التسوق. وستشكل مجموعات البيانات الجديدة التي تم إنشاؤها من عالم “ميتافيرس” تحديات جديدة من نوع آخر: من له أحقية ملكيتها؟ ومن يحق له الوصول إليها؟

ونحن نعتقد أن عملاءنا هم المالك النهائي لبياناتهم عبر جميع المنصات، أما الشركات فتمثل الأمناء المؤقتين والمحدودين لها.

وقد حظي تعزيز لوائح البيانات وحمايتها وحوكمتها باهتمام كبير من الحكومات والشركات. ففي يناير 2022، أطلقت دولة الإمارات قانوناً جديداً لحماية البيانات الشخصية والذي يحظر معالجة البيانات الشخصية دون الحصول على موافقة. أما نحن في “ماجد الفطيم” فقد قمنا بمواءمة قواعد اللائحة العامة لحماية البيانات في أوروبا على مدى السنوات الخمس الماضية بما يضمن موافقة العميل قبل جمع البيانات ومعالجتها.

ولكن، حتى نتمكن من تحقيق الاستفادة الكاملة من مزايا عالم “ميتافيرس” وتأمين المعلومات التي تشغله في المقام الأول، يجب على الشركات تجاوز عنصر “الامتثال” والتفكير في صيغة تجارية جديدة للبيانات.

اقرأ أيضاً: شركة «بيئة» الإماراتية تعرض نموذجاً افتراضياً لمقرها الجديد في عالم الميتافيرس

شراكة بين القطاع العام والخاص والشعب

نعلم أن عملاءنا يحمون معلوماتهم الشخصية ويريدون التحكم فيها. ولذلك فمن واجبنا حماية بياناتهم كشركة يثقون فيها.

ومع ذلك، يقول أكثر من ثمانية من كل 10 أشخاص حول العالم إنهم على استعداد لمشاركة المعلومات الشخصية مقابل خدمات أكثر تخصيصاً. وبالمثل، أظهرت دراسة أميركية أن الناس يشعرون بمزيد من الولاء للعلامات التجارية التي تستخدم بياناتهم لتخصيص الخدمات لهم، ما يقدم لهم مقابلاً مجزياً يشجعهم على فتح خزينة البيانات الخاصة بهم.

نعتقد أن الآن هو الوقت المناسب لتجاوز نماذج الشراكة الحالية بين القطاعين العام والخاص التي تستبعد الفرد. وقد حان الوقت لكتابة “صيغة جديدة” عنوانها “شراكة بين القطاعين العام والخاص والشعب”، حيث يصبح المواطنون من أصحاب المصلحة في عملية تبادل القيمة.

ويعد تعاوننا مع “دبي الرقمية” (دبي الذكية سابقاً) وأعضائها مثالاً واضحاً على ذلك، حيث نهدف إلى تمكين الخدمات الرقمية المبتكرة للعملاء من خلال ربط البيانات الحكومية والتجارية معاً. وقد قمنا أيضاً بدمج بياناتنا وبيانات شركائنا لإنشاء لوحة تحكم موحدة، تعمل على تحسين عملية اتخاذ القرار الاستراتيجي في مجال مبيعات التجزئة والتي ستصب في نهاية المطاف في صالح عملائنا.

اقرأ أيضاً: كيف تحمي بياناتك الشخصية من بوتات الذكاء الاصطناعي؟

مزايا التعاون في مجال البيانات

أكدت الأبحاث التي أجرتها شركة “ماكينزي” أن الشركات لن تحصل على الرؤية الكاملة للتوجهات التي تؤثر على أعمالها، ما لم تضم بياناتها إلى بيانات أخرى خارجية. ومن وجهة نظر العميل، فلا يوجد شيء مزعج أكثر من أن تتم مطالبته وباستمرار من قبل مؤسسات مختلفة بسرد نفس المعلومات. وفي الوقت نفسه يمضي المستهلكون أوقاتاً طويلة لمقارنة العروض عبر منصات متعددة.

وبناء على ذلك، يتم حالياً اتخاذ خطوات في قطاع تجارة التجزئة لتوفير تلك البيانات بشكل مفتوح وفي ذات الوقت يحفظ خصوصية مالكيها الأساسيين.

على سبيل المثال، يتم استخدام بيانات العملاء عند تسوق المواد الغذائية الآن لتحسين عملية اتخاذ القرار في سوق إقراض المستهلك. وبالمثل، قمنا بدمج بيانات نقاط البيع والعملاء الخاصة بنا مع بيانات المؤسسات المالية لاكتساب فهم أعمق للتوجهات الاقتصادية للمجتمع في دولة الإمارات.

وبالنظر إلى المستقبل، يمكن أن تسمح قواعد البيانات في الشركات بسد المزيد من الفجوات، من خلال إنشاء “التوائم الرقمية“. وهي نماذج افتراضية معقدة تنشئ نظيراً لشيء ما مثل مصنع أو سيارة أو مبنى في العالم الرقمي. وهي مستخدمة حالياً وعلى نطاق واسع في الهندسة والتصنيع. ويمكن أيضاً تطبيق هذا المفهوم على الأشخاص الذين لديهم “توائم” رقمية خاصة بهم.

ستكون شخصيات الأفاتار عبر الإنترنت قادرة على الاحتفاظ ببيانات المستهلك والتطور في عالم “ميتافيرس” والتفاعل مع وكلاء خدمة العملاء الافتراضيين العاملين بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

لكن القيمة الكاملة لهذه التكنولوجيا لن تتحقق، إلا إذا كان هذان “التوأمان” قابلين للتشغيل المتبادل فيما بين المنصات. وسيكون لدى المستخدمين أيضاً رغبة في التحكم في البيانات التي يرغبون في مشاركتها مع موفري الخدمات الرقمية وما يتلقونه في المقابل.

وباختصار، تقع مسؤولية مساعدة الجمهور على إدراك القيمة من بياناتهم على الشراكات.

اقرأ أيضاً: تحسين تجربة المواطن من خلال الارتقاء بالخدمات الرقمية واستخدام البيانات

صناعة القيمة للجميع

سيوفر عالم “ميتافيرس” تجربة عملاء سلسة وأكثر تخصيصا، مما يمنح العلامات التجارية أدوات جديدة لتقديم تجارب أكثر اتساقًا عبر جميع قنواتها وتزويد العملاء براحة أكبر في أنشطة التسوق والشراء. ونتوقع أن يؤدي هذا إلى نوع جديد من تجارب العملاء يكون أكثر بديهية ومواءمة مما تقدمه نماذج التجارة الإلكترونية الحالية.

ولتحقيق هذه الأهداف، ستطلق ماجد الفطيم إصدارًا تجريبيًا لمنظومة شاملة جديدة للبيانات في عام 2022، بهدف تمكين الشركات من التعاون ضمن بيئة تحافظ على الخصوصية. والأهم من ذلك، أنها ستوفر للعملاء إمكانية تبادل القيمة بشكل عادل مما يحفز على مشاركة المزيد من البيانات. وتأتي هذه المنظومة من واقع إيماننا بأنه مع بدء ظهور ملامح عالم “ميتافيرس”، سيحين الوقت لأداء التجربة المتمثلة في دفع حدود تخصيص التجارب والجمع بين البيانات لحل المشكلات وجعل البيانات محمية بشكل أكثر قوة وصلابة.

اقرأ أيضاً: مفهوم السوق الرقمية يساعد الحكومات على إعادة تصور نموذج التوريد

وفي هذا السياق، يعد التعاون مع العملاء والشركاء أمرًا بالغ الأهمية، حتى نتمكن جميعًا من استكشاف وتحقيق الفوائد الكاملة للشراكات بين القطاعين العام والخاص لإيجاد قيمة طويلة الأجل للجميع. وإذا ما تمت مشاركة البيانات بشكل علني وحمايتها بحكمة، فإن هذه الأدوات الجديدة يمكنها أن تمنح الشركات أيضًا القدرة على إدراك قيمتها الحقيقية وتقديم “صيغة تجارية جديدة” للبيانات والأشخاص.