ما قصة الحسابات الوهمية التي تسببت بتعليق استحواذ إيلون ماسك على تويتر؟

لماذا يصعب إحصاء عدد الحسابات الوهمية على موقع تويتر؟

حقوق الصورة: shutterstock.com/rafapress

استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية

خلال الأعوام الماضية، شهد موقع تويتر زيادة في عدد مستخدميه على مستوى العالم، لكن بعض الخبراء يقولون إن نسبة كبيرة من هذه الحسابات وهمية، أي أنها عبارة عن بوتات تعمل دون إشرافٍ بشري.

ظهرت هذه المشكلة للعلن بعد أن توصل الملياردير الأميركي إيلون ماسك إلى اتفاق لشراء موقع تويتر بقيمة 44 مليار دولار، هذه الصفقة تم تعليقها مؤقتاً بسبب الخلاف على عدد الحسابات الوهمية، إذ يدعي ماسك أن نسبة الحسابات الوهمية تبلغ 20 بالمئة، في حين تنفي الشركة ذلك وتقول إن نسبة الحسابات الوهمية لا تتعدى 5 بالمئة.

في الحقيقة، التحقق من عدد الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي وإحصاؤها هو أمر صعب جداً ويكاد يكون مستحيلاً.

ما هي الحسابات الوهمية؟

الحساب الوهمي على تويتر الذي يعرف باسم “تويتر بوت” (Twitter Bot) هو برنامج تم تطويره من خلال “واجهة برمجة تطبيقات تويتر” (Twitter API)، يمكن برمجة بوتات تويتر لأداء مهمة محددة واحدة أو مجموعة من المهام التي تشمل التفاعل مع مستخدمي تويتر الآخرين، أو إنشاء تغريدات أو إعادة التغريد أو الإعجاب بتغريدات أو متابعة حسابات معينة.

الغرض الرئيسي من هذه البوتات هو تحسين الخدمات التي يتم تقديمها عن طريق تويتر، على سبيل المثال، يمكن أن تساعد بوتات تويتر في دعم العملاء والاستجابة لطلباتهم بسرعة دون الحاجة لتدخل بشري.

على الرغم من أنها مفيدة للغاية، تحولت الحسابات الوهمية على تويتر إلى مشكلة كبيرة، فالكثير منها تدعي أنها لأشخاص حقيقيين، وتستخدم المنصة بما يخالف سياستها، مثل الترويج للأخبار الكاذبة أو المضللة أو تضخيم نظريات المؤامرة، كما يستخدمها بعضهم لأغراض سياسية من أجل التأثير على الرأي العام.

حظر تويتر بالفعل الملايين من هذه الحسابات الوهمية لأنها انتهكت سياسة الاستخدام، لكن على الرغم من ذلك، يبدو أن عددها يزداد كل يوم.

حسابات وهمية مفيدة وأخرى ضارة

لتفهم الغرض من إنشاء البوتات، إليك قائمة ببعض بوتات تويتر المفيدة:

BotSentinel: هذا بوت تم تطويره لتحديد وتتبع البوتات السياسية وحسابات التصيد والبوتات الآلية التي تدعي أنها لمستخدمين حقيقيين. كما يحدد التغريدات التي تورد أخباراً كاذبة.
HundredZeros: لدى أمازون مجموعة كبيرة من الكتب الإلكترونية الرائعة. هذا البوت يوصي بكتب إلكترونية مجانية متاحة من أمازون، يساعد هذا القراء في العثور على عناوين رائعة لقراءتها.
DearAssistant: بوت تم تطويره لتقديم إجابات لأسئلة مثل تعريف الكلمات والمسافة بين الأماكن، يحصل على إجاباته من المساعدين الافتراضيين (مساعد جوجل وسيري وأليكسا).
Earthquakbot: عندما تحدث الزلازل، فإنها تسبب دماراً هائلاً وخسارة كبيرة في الأرواح والممتلكات. من الأفضل أن تظل على اطلاع وتعرف ما يمكن أن يساعدك، هذا البوت مصمم للتغريد عن الزلازل ومواقعها.
TayTweets: بوت دردشة آلية مدعوم بالذكاء الاصطناعي ويتعلم المزيد كلما تفاعلت معه. سبق له أن نشر بعض التغريدات المثيرة للجدل والعنصرية والمتحيزة جنسياً والتي أدت إلى غضب البعض.
Netflix_bot: بوت مصمم للتغريد عن أحدث الإصدارات التي تقدمها شركة نتفليكس.
nice_tips_bot: بوت يقوم بتغريد نصائح مفيدة للحياة. مثل نصائح التنظيف والرياضة والصحة والغذاء ودروس الحياة المفيدة.

فيما يلي بعض استخدامات بوتات تويتر الضارة:

المتابعات المزيفة: تبيع العديد من الشركات حول العالم متابعين مزيفين على تويتر. وقد بين تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن شركة “ديفومي” (Devumi) تمتلك مخزوناً يزيد عن 3.5 مليون حساب وهمي، وأنها باعت لعملائها أكثر من 200 مليون حساب وهمي.
التأثير على الانتخابات: كان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2016 نتيجة غير متوقعة للمحللين، وقد لعبت الحسابات الوهمية على تويتر دوراً كبيراً في تحقيق هذا الفوز.
المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة: تعد بوتات تويتر مصدراً للمعلومات المضللة المتعلقة بتغير المناخ واللقاحات والمهاجرين.

لماذا يصعب إحصاء عدد الحسابات الوهمية على تويتر؟

حين أعلن إيلون ماسك عن تعليق صفقة استحواذه على تويتر مؤقتاً، قال إن اختباراته بينت أن نسبة الحسابات الوهمية تتجاوز بكثير النسبة التي تدعيها الشركة. توصل ماسك إلى هذه النسبة من خلال أخذ عينة عشوائية لـ 100 حساب وتحديد الحسابات الوهمية منها.

لكن السؤال الذي طرحه الخبراء، كيف تمكن ماسك من تحديد الحسابات الوهمية في هذه العينة العشوائية؟

اعتمد ماسك على بعض المعايير غير الدقيقة لتصنيف الحسابات الوهمية، مثل عدم وجود صورة شخصية للحساب أو عدم التغريد منذ فترة طويلة.

لاختبار منهجية ماسك هذه، قامت شركة “آي في دوت أيه آي” (IV.ai)، وهي شركة منخصصة بالذكاء الاصطناعي، بفحص 100 حساب يتابع حساب شركة تسلا لصناعة السيارات التي يملكها إيلون ماسك.

وجد الفحص الآلي لهذه الحسابات أن أكثر من 20 حساباً يحتمل أن يكون وهمياً. فيما وجد الفحص اليدوي لنفس الحسابات أن أكثر من نصفها قد تكون وهمية.

لكن تحديد النسبة المئوية للحسابات الوهمية على تويتر بدقة هو أمر صعب جداً، ومن شبه المستحيل أن نعرف أن حساباً ما هو عبارة عن بوت أو حساب حقيقي، وذلك لأن الكثير من الحسابات الحقيقية لديها عدد قليل من المتابعين، ونادراً ما تغرد، أو تختار اسم مستخدم غريب.

التحليل الذي أجراه ماسك لعينة عشوائية من حسابات تويتر لم يقدم أي أدلة على أن أياً من الحسابات وهمية. بالإضافة إلى ذلك، أخذ عينة صغيرة تشمل 100 حساب فقط لا يمكن أن يقدم نتيجة دقيقة إذا علمنا أن عدد مستخدمي موقع تويتر المسجلين يفوق 300 مليوناً.

بالإضافة إلى ذلك، تطورت البوتات بشكلٍ كبير خلال السنوات الماضية وأصبحت قادرة على القيام بالعديد من المهام التي تجعلها تبدو كحسابات حقيقية يديرها البشر. هذا يجعل حتى الخوارزميات الأكثر تطوراً لكشف البوتات على مواقع التواصل الاجتماعي تواجه مشكلة في كشفها، وفي كثير من الحالات، تعطي الخوارزميات نتيجة غير مؤكدة.

خلاصة ذلك، إن اكتشاف البوتات والحسابات الوهمية وإحصاء عددها أمر معقد وصعب للغاية، ولا تستطيع أكثر الخوارزميات تطوراً أن تعطينا نتيجة دقيقة ومؤكدة، ومن المتوقع أن تصبح هذه المهمة أصعب بكثير في المستقبل مع تطور البوتات التي تبدي سلوكاً قريباً جداً من سلوك البشر.