ماذا لو استطعنا الكشف عن السرطان بشكل مبكر من خلال تحليل الدم؟

3 دقائق
المصدر: غيتي إيميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

فاز بيرت فوجلستين، الباحث في مجال السرطان، بالكثير من الجوائز عن أبحاثه حول الطفرات الجينية المُسبِّبة للسرطان، إلا أنه دائماً ما كان يرغب في التوصّل إلى وسيلة للكشف عن تلك الطفرات في وقت مبكر، عندما يكون من الممكن علاج السرطان بسهولة أكبر.

والآن، تقوم مجموعة من المستثمرين بتخصيص مبلغ 110 مليون دولار لمحاولة تحقيق حلم فوجلستين وإنشاء شركة تسمّى ثرايف إيرلير ديتكشن Thrive Earlier Detection، وهي تعدّ الأحدث في السباق المكلف لتطوير الاختبارات الأولى التي يمكنها الكشف عن مجموعة من السرطانات من خلال السحب البسيط للدم. كما جمعت شركة جريل Grail المنافِسة أكثر من مليار دولار لتطوير اختبار عام للكشف عن السرطان.

وتسمّى فكرة الكشف بواسطة الدم بـ “الخزعة السائلة”، ويعود فضلها إلى الجهود المبكرة التي بذلها فوجلستين وزميله كينيث كينزلر من جامعة جونز هوبكنز. وتعتمد الفكرة على حقيقة أن الأورام تُطلق الحمض النووي الذي يحتوي على الطفرات والبروتينات المميزة في مجرى الدم، وهي التي يمكن أن يتم الكشف عنها في بعض الأحيان حتى في حال عدم وجود علامات ظاهرية للسرطان عند الشخص.

وفي العام الماضي، قام الباحثان في جامعة جونز هوبكنز، إلى جانب أخصائي الأورام نيكولاس بابادوبولوس، بوصف فحص دموي يمكنه البحث عن 16 جيناً وثمانية بروتينات، وكان قادراً على الكشف عن العديد من السرطانات، بما فيها سرطان المعدة والمبيض والكبد، ولكن ذلك كان بواسطة دم أشخاص معروفين سابقاً بأنهم مرضى. وتقوم المجموعة الآن بإنهاء دراسة تُجرى مع نظام جايسنجر Geisinger الصحي الكبير في ولاية بنسلفانيا على 10000 امرأة تبدو سليمة وتتراوح أعمارهنّ بين 65 و75 عاماً، وذلك لمعرفة عدد المرات التي يتمكّن فيها الاختبار من الكشف عن سرطان كامن في أجسادهنّ. ويتم إخضاع النساء اللواتي أظهرن نتائج إيجابية للتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني لكامل الجسم للبحث عن الأورام.

ويقول الأطباء في نظام جايسنجر بأنهم تمكّنوا من العثور على سرطانات بهذه الطريقة ومن ثمّ معالجتها، ولكنهم لن يقوموا بنشر نتائجهم قبل عام. ويقول آدم بوكانان، وهو طبيب في نظام جايسنجر ويساعد في الإشراف على المشروع: “لدينا بعض الأخبار المثيرة ولكننا ندرك عواقب المبالغة في هذه التقنية. فمن السابق لأوانه أن نجزم فيما إذا كان الأمل فيها سيصمد”.

ويتم تقييم اختبارات الكشف عن السرطان من خلال عدد السرطانات الحقيقية التي تعثر عليها وعدد النتائج الخاطئة التي تتوصّل إليها. ويقول فوجلستين إنه لا بد للاختبار كي ينجح من الكشف عن 20٪ من السرطانات الفعلية، ويضيف: “أتلقى بشكل دائم تقريباً نفس الرد، وهو: لماذا لا يمكنك الكشف عن 70٪ منها؟”. ولكن في الواقع، فإن العثور على خُمس السرطانات الكامنة في مرحلة قد يكون من الممكن علاجها فيها يمكن أن يكون أكثر فائدة من أي أدوية جديدة، التي عادةً ما تُطيل الحياة لبضعة أسابيع فقط.

بيرت فوجلستين.
مصدر الصورة: معهد هوارد هيوز الطبي

المشكلة الأكثر صعوبة هي عندما يشير الاختبار بشكل خاطئ إلى وجود سرطان. يقول فوجلستين إنه بالنسبة لأي اختبار للكشف عن السرطان يستهدف عامة الناس، فإن هذه النتائج الإيجابية الخاطئة يجب ألا تزيد عن واحد من كل 100. ويضيف: “إذا تم التوصّل إلى الكثير من النتائج الإيجابية الخاطئة، فلا بدّ عندها من إجراء اختبارات غير ضرورية للمتابعة”. وهذا ينطوي على “تكاليف نفسية ومالية”، كما يشير بوكانان.

وقد تم تسويق فكرة اختبار جامعة جونز هوبكنز من قِبل شركة تُدعى بابجين PapGene، التي تقوم بتغيير اسمها الآن إلى ثرايف Thrive مع حصولها على تمويل بقيمة 110 مليون دولار من مجموعة من نخبة المستثمرين، من بينهم شركة رأس المال المجازف ثيرد روك Third Rock وشركة التأمين بلو كروس بلو شيلد Blue Cross Blue Shield. وسيتولى إدارة الشركة التي أُعيد تشغيلها ستيفن كافكا، الذي كان يعمل سابقاً في شركة فاونديشن ميديسن Foundation Medicine المتخصصة في اختبارات الحمض النووي في كامبريدج بولاية ماساتشوستس.

ومن الجدير بالذكر أن بيرني ماركوس -وهو أحد المؤسسين الأثرياء لشركة هوم ديبوت Home Depot، الذي قام بتمويل الدراسة في نظام جايسنجر بمبلغ قدره 15 مليون دولار (وتعهّد بمبلغ 35 مليون دولار لمتابعة 40 ألف شخص إضافي)- لن يكون له دور أو حصة مالية في شركة ثرايف، وفقاً لفوجلستين، حيث قال: “إنه لا يريد سوى أن يتم تطوير فحص دموي للكشف عن السرطان خلال حياته. وهو لا يهتم بكيفية القيام بذلك، طالما أنه يتم بشكل جيد”.

كما سيتعيّن على شركة ثرايف جمع ما يكفي من البيانات لإقناع شركات التأمين بالدفع مقابل الاختبارات، التي يقول كافكا إنها قد تكلف 500 دولار تقريباً. ولا يتوقع للقيام بذلك أن يتم إثبات أن الاختبار ينقذ الأرواح، فحتى اختبارات الكشف عن السرطان المستخدمة على نطاق واسع -مثل التصوير الشعاعي للثدي- لا تزال محل نقاش بعد عقود من استخدامها. ولكن شركة ثرايف قد تحاول تسويق الاختبار بناءً على مقاييس مختلفة، مثل إظهار إمكانية الكشف عن السرطانات في وقت أبكر من المعتاد.

يقول فوجلستين: “إذا تمكّنت من إثبات إمكانية الكشف عن السرطانات في وقت أبكر، فمن المنطقي أن نستنتج إمكانية إنقاذ الأرواح. ولكن إثبات ذلك بالفعل يتطلب مئات الآلاف أو ملايين المرضى، ولا يتعيَّن الانتظار لتلك الفترة الطويلة”.