هل نقسِّم الشركات التكنولوجية الكبيرة أم أن الأفضل هو إلزامها بمشاركة بياناتها؟

3 دقائق
مصدر الصورة: إم إس تك، جوجل، أمازون، آبل، فيسبوك
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا تقسّموا الشركات التكنولوجية الكبيرة، بل اجعلوها تشارك بياناتها. هذا ما يقوله فيكتور ماير شونبيرجر، وهو بروفيسور في حوكمة الإنترنت في معهد أوكسفورد للإنترنت.

بالنسبة له، فإن التوجه الذي ظهر مؤخراً لدراسة هذا الموضوع فكرة جيدة، ولكن تقسيم شركة مثل جوجل سيُضعف من أداء أدواتها مثل البحث دون أن يسهل على الشركات الناشئة بناء بدائل جيدة. بل إن إلزام الشركات بالتوقف عن منح الأفضلية لخدماتها مقابل خدمات أقرانها لن يمنع المنصات نفسها من أن تصبح أفضل وتهيمن على السوق.

وقد شارك ماير شونبيرجر في تأليف كتاب “إعادة اختراع الرأسمالية في عصر البيانات الكبيرة Reinventing Capitalism in the Age of Big Data“، وهو يقترح تبني “قانون تصاعدي لمشاركة البيانات” يُرغم الشركات التي يزيد حجمها عن حدٍّ معين على مشاركة بياناتها –بعد نزع الهويات عنها لحماية الخصوصية- مع المنافسين الأصغر. وقد قابلتُ ماير شونبيرجر مؤخراً لمناقشة هذا الاقتراح الجريء، وما يمكن ولا يمكن أن يصلحه.

تم تعديل ما يلي للتحكم في الطول وزيادة الوضوح.

مصدر الصورة: تقدمة من فيكتور ماير شونبيرجر

لمَ تعتقد أن مشاركة البيانات هي أهم ناحية في تنظيم الشركات التكنولوجية الكبيرة؟

يوجد في كل سوق توجُّه نحو التركيز. إلا أن الابتكار البشري كان يمثل قوة معاكسة منذ فترة طويلة، أي أنه كان بإمكان شركة ناشئة أن تبتكر فكرة أفضل، وهو ما حافظ على تنافسية الأسواق.

ولكن الابتكار بدأ يبتعد -ولو جزئياً- عن الإبداع البشري، وأصبح أقرب إلى التعلم الآلي الذي يعتمد على البيانات، ولهذا فإن القادرين على الوصول إلى أكبر قدر ممكن من البيانات سيكونون الأكثر ابتكاراً، وبسبب حلقة التغذية الراجعة، سيُصبحون أكبر وأكبر، وسيؤدي هذا إلى تقويض المنافسة والابتكار. وبالتالي، إذا أجبرنا من يمتلكون كميات كبيرة جداً من البيانات على مشاركة أجزاء من هذه البيانات مع الآخرين، فسيؤدي هذا إلى إنعاش المنافسة وانتشار الابتكار.

لماذا سيتسبب تقسيم هذه الشركات في إيذاء المستهلكين؟

يمكنك أن تقسم شركة كبيرة، ولكن هذا لن يعالج السبب الأساسي للتركيز، إلا إذا غيرت الديناميات الأساسية للابتكار الذي يعتمد على البيانات.

فتقسيم الشركة التكنولوجية الكبيرة يخفض من القيمة التي تولدها البيانات. ومن المفيد جمع الكثير من البيانات واستخدامها بشكل متكرر، ولنأخذ سيارات جوجل ستريت فيو كمثال: فهي تلتقط الصور، وتمسح الشكل الهندسي للطريق، وتلتقط إشارات الواي فاي. هذا لا يساعد جوجل ستريت فيو ببساطة، بل يحسن من تحديد الموضع على أندرويد ويساعد القيادة الذاتية لسيارات وايمو. فإذا قسَّمت جوجل إلى شركات أصغر، ستضعف من إمكانية استخدام هذه البيانات. ولن يؤدي هذا إلى تقييد قدرة جوجل على النمو والابتكار وحسب، بل سيمنع الآخرين من الابتكار أيضاً؛ لأن هذه البيانات لن تكون متاحة لهم.

ألن تتمتع الشركات مثل جوجل أو أمازون بأفضلية بسبب امتلاكها للمزيد من البيانات، حتى لو شاركت جزءاً منها؟

هذا ليس صحيحاً بالضرورة، وذلك لسببين: الأول هو أن قيمة أية نقطة بيانات إضافية تقل مع زيادة كمية البيانات، أي أن اللاعبين الأصغر سيستفيدون بشكل أكبر. أما الثاني فهو أن مشاركة البيانات يعني أن الشركات الأصغر يمكن أن تحصل على بيانات من جوجل ومايكروسوفت وغيرهما من الشركات، أي أنها ستحصل على بيانات متنوعة، وهو ما يقدم لها صورة أكثر شمولية، وقد يكون أفضل مما لدى جوجل التي تمتلك مصدراً هائلاً للبيانات.

ما الأسئلة التي يجب أن نجيب عنها قبل تطبيق هذه الفكرة؟

يجب أن نسأل عن مقدار البيانات التي يجب مشاركتها؛ فقد اقترحنا رقماً يتراوح بين 3% و5%، ولكنها حسابات تقريبية وغير دقيقة. يجب أن تقدم مقداراً كافياً، ولكن هذه الأرقام ليست نهائية.

وهناك سؤال آخر، وهو كيف نعرف مقدار البيانات التي تمتلكها هذه الشركات؟ يمكن أن نفكر فيما يشبه دليلاً على الإنترنت لمالكي البيانات؛ حيث يتوجب عليهم نشر معلومات حول أنواع البيانات التي لديهم، مثل “بيانات البحث” أو “بيانات القيادة ذاتية التحكم”، ويمكن للمنافسين المحتملين استخدام هذا الدليل. ويمكن تنفيذ هذه الفكرة بسهولة نسبية، ولكن يجب تنظيمها بشكل جيد.

اشتكى الكثيرون من هذه الشركات بسبب مشاكل الخصوصية. كيف نضمن أن قانوناً لمشاركة البيانات لن يؤدي إلى تكرار مشاكل الخصوصية في فيسبوك مثلاً مع العديد من الشركات الأخرى؟

ليست الخصوصية مسألة واحدة بل حزمة كاملة من المشاكل، ومنها تركيز نفوذ المعلومات. وعلى الرغم من أن مشاركة البيانات لن تزيد من قدرة الأفراد على التحكم فيها، فإن التقليل من تركيز نفوذ المعلومات قد يحمينا من الوصول إلى وضع نصبح فيه خاضعين لرقابة دائمة.

ولكن يجب ألا نعتقد أن مشاركة البيانات ستحل مشاكل الخصوصية، وإنما يمكنها أن تساعد في تأمين البدائل. لقد رأينا شركات بحث تقدِّم خدمات بحث أكثر حرصاً على الخصوصية، ولكن نتائجها كانت سيئة لأنها لا تمتلك ما يكفي من بيانات التدريب. وإذا ساعدنا منافسي جوجل وفيسبوك على تقديم خدمات جيدة عن طريق تقديم بيانات التدريب، فإني أعتقد أننا يمكن حينئذٍ أن نساعد المستخدمين وندعم الخصوصية.