هل يمكن لأكثر حواسيب أنابيب النانو تطوراً في العالم أن يحافظ على قانون مور؟

3 دقائق
مصدر الصورة: فيليس فرانكيل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

كشف فريق أكاديمي من إم آي تي الستارَ عن الشريحة الأكثر تطوراً حتى الآن من بين الشرائح المصنوعة من أنابيب النانو الكربونية، وهي أنابيب ذات جدران بعرض ذرة كربون واحدة. وقد يكون هذا المعالج الجديد -الذي يستطيع تشغيل البرمجيات التقليدية- محطةً هامة في طريقنا للبحث عن بدائل للسيليكون.

تعاني صناعة الإلكترونيات من تباطؤ في قانون مور، الذي يقول إن عدد الترانزستورات التي يمكن وضعها ضمن المعالج السيليكوني يتضاعف تقريباً كل سنتين. غير أن هذا المنحى بدأ يواجه حدوده الفيزيائية؛ فمع تقلص أحجام الأجهزة إلى بضعة ذرات، بدأت التيارات الكهربائية بالتسرب من القنوات المعدنية التي تنقلها عبر الترانزستورات. وتؤدي الحرارة المنطلقة إلى إضعاف فعالية الطاقة في أنصاف النواقل، بل قد تتسبب في تعطيلها بالكامل.

قد تُشكل أنابيب النانو الكربونية الحلَّ المثالي؛ حيث إن ترانزستورات أنابيب النانو الكربونية ليست أسرع من الترانزستورات السيليكونية وحسب، بل إن الدراسات وجدت أن الشرائح المصنوعة من أنابيب النانو يمكن أن تكون أكثر فعالية في استهلاك الطاقة من مثيلاتها السيليكونية بما يصل إلى 10 أضعاف، ويمكن أن تؤدي هذه الزيادة في الفعالية إلى زيادة عمر البطارية في الأدوات الإلكترونية إلى حد كبير.

وقد كان الباحثون يعملون على إيجاد شرائح بديلة تتضمن هذه الجزيئات منذ عقود، ولكن مصاعب التصنيع لم تسمح لهذه المعالجات بالخروج من المختبرات البحثية. وفي بحث نُشر في مجلة Nature، يقول فريق إم آي تي إنه وجد وسائل للتغلب على بعض من أكبر المصاعب التي تقف في وجه إنتاج هذه الشرائح على نطاق واسع.

الخليط
إحدى هذه المشاكل هي أن عملية تصنيع أنابيب النانو الكربونية تؤدي إلى الحصول على نوعين مختلطين معاً: النوع الأول هو نصف الناقل المثالي لتصنيع الدارات التكاملية، والنوع الثاني الذي ينقل التيار الكهربائي وكأنه سلك عادي، مما يؤدي إلى امتصاص المزيد من الطاقة، ويمكن حتى أن يؤثر على أداء الدارة. وللحصول على شرائح ذات جدوى اقتصادية جيدة، يجب أن نجد وسيلة واقعية ومعتدلة التكلفة لتقليل أثر النوع الثاني.

ومن المشاكل الأخرى هي أن تصنيع الشرائح يتطلب مد طبقة منتظمة أحادية من أنابيب النانو فوق شريحة مسطحة. غير أن هذا الأمر ليس بالسهل، لأن أنابيب النانو تميل -وبشكل مزعج- إلى التكتل مع بعضها البعض. وإذا وقعت مجموعة منها على أحد الترانزستورات، فقد تؤدي إلى خروجه عن الخدمة.

أثارت هذه المشاكل وغيرها اهتمامَ ماكس شوليكر، وهو بروفسور في إم آي تي شاركَ في مشاريع شهيرة أخرى في هذا المجال، وقد تلقى تمويلاً من وكالة الأبحاث والمشاريع الدفاعية المتقدمة لتطوير تكنولوجيا أنابيب النانو.

وقامت مجموعة الباحثين التي يقودها بتطوير معالج ميكروي بعرض خطوط بيانات يساوي 16 بت مكوّن من 14,000 ترانزستور من أنابيب النانو الكربونية، ويقول شوليكر إنه الأكثر تعقيداً حتى الآن. ويمكن تطبيق الأساليب التي أوجدوها عن طريق المعدات المستخدمة لتصنيع شرائح السيليكون التقليدية، ما يعني أن صانعي الشرائح لن يضطروا للاستثمار في معدات جديدة ومكلفة إذا أرادوا تصنيع معالجات أنابيب النانو.

وعندما درس الباحثون مشكلة الاختلاط، اكتشفوا أن بعض أنواع البوابات المنطقية -وهي الكتل الأساسية في بناء الدارات الرقمية- كانت أكثر مقاومة من غيرها للمشاكل التي تتسبب فيها أنابيب النانو الشبيهة بالمعدن، مما قادهم إلى تطوير نوع جديد من تصاميم الدارات بحيث يعتمد بشكل أساسي على هذه البوابات، ويقلل قدر الإمكان من استخدام البوابات الحساسة للمفعول المعدني.

وللتعامل مع مشكلة التكتلات، قام الباحثون بتغطية الشريحة بمادة بوليميرية، ومن ثم غسلها عنها على مراحل بحذر، مما أدى إلى إزالة تكتلات أنابيب النانو، والحصول على الطبقة الأحادية اللازمة لعمل الشريحة بفعالية.

الطريق إلى الأمام
إن الشريحة التي أنتجها باحثو إم آي تي تستطيع بهذه الأساليب تشغيلَ برنامج بسيط يعرض عبارة “Hello, world”، ولكن إذا كانت معالجات أنابيب النانو ستحل محل معالجات السيليكون، فيجب أن تحتوي في نهاية المطاف على المليارات من الترانزستورات حتى تتمكن من تشغيل البرمجيات المتقدمة.

وتعمل آي بي إم على مشروع مماثل حول هذه التكنولوجيا، وقد قالت سابقاً إنها تأمل في أن تحل شرائح أنابيب النانو محل الشرائح السيليكونية بحلول العام 2020. ولكن جهودها لم تثمر حتى الآن في التوصل إلى أساليب لنقل الإنجازات المخبرية إلى التصنيع العملي. وبفضل التطورات الجديدة، يبدو أن الطريق أصبح الآن أكثر سهولة. يقول شوليكر: “لم نعد بحاجة إلى المجازفة بعد الآن”.