يجب على باحثي الذكاء الاصطناعي البحث عن “الفرص الضائعة” لتحقيق الصالح الاجتماعي

2 دقائق
مصدر الصورة: جيريمي بروتجي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يجب على أخصائيي التكنولوجيا الاستعداد لترك أبراجهم العاجية ومواجهة العالم الحقيقي، والتعامل بشكل وثيق مع الخبراء والمجتمعات التي تؤثر عليها خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وإلا فإن الأنظمة التي يقومون ببنائها سوف تعزز المشاكل الاجتماعية وتؤدي إلى تفاقمها، وفقاً لأحد أهم الخبراء.

تعمل ريدييت أبيبي كباحثة في علوم الحاسوب في جامعة كورنيل، وهي مختصة بالخوارزميات والذكاء الاصطناعي والتطبيقات للصالح الاجتماعي. وقد قالت للحضور في إيمتيك ديجيتال – وهو حدث نظمته مجلة إم آي تي تكنولوجي ريفيو – إنها تفاجأت بما اكتشفته من نقص في التعاون في مجالات معينة من أبحاث الذكاء الاصطناعي.

تقول أبيبي: “إن الحلول الخوارزمية والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي موجودة في كافة نواحي حياتنا، بدءاً من اتخاذ القرارات وتشغيل التطبيقات وصولاً إلى مساعدة النظام القضائي الجنائي. ولكن هناك انفصال ما بين الباحثين والممارسين والمجتمعات”.

أثارت العواقب غير المقصودة للنماذج الخوارزمية الكثير من الجدل، بما في ذلك الكشف عن تحيز البيانات التاريخية التي استُخدمت لتدريب أدوات تقييم المخاطر التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. كما استخدمت مجموعات بيانات غير متوازنة لتدريب أنظمة التعرف على الوجوه، ولهذا فإن فعاليتها في التعرف على النساء سمراوات البشرة أقل مما في حالة الرجال بيض البشرة، وغالباً ما أدت المحاولات لإصلاح هذه المشاكل إلى مشاكل أخرى في الأنظمة.

تقول أبيبي: “نحن بحاجة إلى تمثيل جيد للمجتمعات التي تؤثر عليها هذه الأنظمة. يجب أن تكون هذه المجتمعات حاضرة حتى نعلم ما المشاكل التي تواجهها. كما نحتاج أيضاً إلى معلومات من خبراء في مجالات مثل العلوم الاجتماعية والإنسانية، فقد كانوا يفكرون بهذه المسائل ويعملون عليها لفترة طويلة للغاية. هناك الكثير من الفرص الفائتة لاستخدام الذكاء الاصطناعي للصالح العام، وهي تحدث عندما نتجاهل واحداً أو أكثر من هذه المسائل”.

تقول أبيبي أنها حاولت مواجهة هذه المشكلة بالمشاركة في تأسيس “تصميم الآليات للصالح الاجتماعي”، وهي مجموعة بحثية كبيرة متعددة الاختصاصات تعتقد أنها يمكن أن تمثل نموذجاً لمشاريع أكبر للتعاون والتشاركية.

ركزت هذه المنظمة جهودها على مجموعة من المسائل، مثل عدم المساواة على مستوى العالم، وتطبيق الذكاء الاصطناعي في البلدان النامية، والتحيز والتمييز الخوارزمي، وأثر خوارزميات اتخاذ القرار على سياسات معينة، بما فيها سوق العمل على الإنترنت، والرعاية الصحية، والإسكان.

من الأمثلة على عملها الخاص مشروع يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد العائلات التي يجب أن تتلقى إعانة مالية حكومية عندما تتعرض إلى “صدمة دخل”، مثل تفويت راتب شهري أو فاتورة مفاجئة.

بدلاً من استخدام النماذج التقليدية، قام فريق من جامعتي كورنيل وبرينستون بتجربة مقاربة متعددة الاختصاصات تعتمد على بيانات وخبرات من المجتمعات التي ستؤثر عليها هذه الخوارزمية.

تقول أبيبي: “لقد تمكنا من تحديد العائلات التي تعاني من ضائقة مادية، والتي لا يمكن أن تجدها عادة. هناك الكثير من العائلات التي تبدو وكأنها في حال جيدة بالنسبة لنماذج الذكاء الاصطناعي التقليدية، ولكنها أكثر عرضة للصدمات المالية”.

ارت أبيبي أيضاً إلى العمل الذي قام به الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، ألفين روث من جامعة ستانفورد، والذي استخدم الأبحاث متعددة الاختصاصات لتطوير نماذج تقوم بمطابقة متبرعي الكلى مع المرضى بشكل أفضل. وتقول أبيبي أيضاً إن عمل تاوانا ديلاهانت في جامعة ميشيغان لتصميم أدوات للبحث عن أعمال منخفضة الموارد كان يتضمن الكثير من الاستشارات والتعاون مع الأشخاص الذين سيستخدمون هذه الأدوات أكثر من غيرهم. وبرأيها، يجب على الباحثين الآخرين أن يحذوا حذو هذه المشاريع، ويتواصلوا مع الآخرين للحصول على معلومات أفضل قبل تقديم حلولهم التكنولوجية إلى العالم.

تقول أبيبي: “أنصح الباحثين بتغيير أساليبهم المعتادة المريحة قليلاً وحسب. يمكنك أن تحضر ندوة في مجال لا يثير اهتمامك عادة، مثل حديث حول عدم المساواة في دائرة علم الاجتماع. وإذا بدا لك شيء ما مثيراً للاهتمام، يمكنك عندها أن تكتسب المزيد من المعلومات حول ما كانت تعمل عليه أوساط علمية أخرى”.